للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الخطاب بلفظٍ له معنى لا نفهمه، ودعواه فإما ليس له معنى مطلقًا. ثم إنَّ هذا - أعني: كَون (١) القرآن يشتمل على ما لا يُقدر على فَهْمه - مما لا ينازع فيه، فالناس في كتاب الله تعالى على مراتب ودرجات، بحسب تفاوتهم في الأفهام والتضلع من العلوم، فرُبَّ مكانٍ يشترك في فهمه الخاصُّ والعام؛ وآخر لا يفهمه إلا الراسخون، ويتفاوت العلماء إلى ما لا نهاية له، على حسب استعدادهم وأقدارهم، إلى أن يصل الأمر إلى (ما لا يفهمه أحدٌ غير) (٢) النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي وقع معه الخطاب، فهو يَفْهم ما خوطب به لا يَخفى عليه منه خافية.

وقد أجاب المصنف عن هذا الوجه: بأنه إنما يمتنع (٣) تخصيص المعطوف بالحال إذا لم تقم قرينةٌ تدل عليه، وأما عند قيام القرينة الدافعة لِلَّبْس فلا يمتنع (٤) حينئذ، وذلك كقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} فإن {نَافِلَةً} حال مِنْ {وَيَعْقُوبَ} فقط؛ لأن النافلة ولد الولد وما نحن فيه كذلك (٥)؛ إذ العقل قاض بأنه سبحانه وتعالى لا يقول آمنا به.

الثالث: قوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} (٦) فإن العرب


(١) سقطت من (ت)، و (غ).
(٢) في (ت)، و (غ): "ما لا يفهمه إلا".
(٣) في (ت)، و (ك): "يُمْنع".
(٤) في (ك): "بمنع".
(٥) انظر: فتح القدير ٣/ ٤١٦.
(٦) سورة الصافات: الآية ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>