للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما محل النزاع فهو كما أشار إليه المصنف بقوله: "ما لم يظهر" أي: إنما يدل - عند القائلين به - إذا لم يظهر لتعليق (١) الحكم بالصفة المذكورة فائدةٌ أخرى مغايرةٌ لنفي الحكم عما عداها، ككونه جوابًا عن سؤالِ سائلٍ عن حكم إحدى الصفتين، أو خارجًا مخرج الغالب، أو غير ذلك. مثل قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) فإنَّ قوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} لا مفهوم له؛ لأن النهي عن موالاة الكافرين عامٌ (٣) فيمَنْ والَى المؤمنين ومَنْ لم يُوَالهم، وإنما معنى قوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أنَّ لكم في موالاة المؤمنين (٤) مندوحة عن موالاة الكافرين، فلا تؤثروهم عليهم. ففي هذه الأشياء لا يدل على نفي الحكم عما عدا الصفة المذكورة، كما نقله المتأخرون من الأصوليين.

وقد نازع إمام الحرمين فيما إذا خَرَج مَخْرج الغالب بعد أن نقل عن الشافعي ما قلناه من أنه لا مفهوم حينئذٍ وأطال الكلام فيه (٥)، والشيخ عز الدين بن عبد السلام قال: القاعدة تقتضي العكس، وهو أن الوصف إذا خرج مَخْرج الغالب يكون له مفهومٌ بخلاف ما إذا لم يكن غالبًا، وذلك لأن الوصف الغالب على الحقيقة تدل العادة على ثبوته لتلك الحقيقة، فالمتكلم يكتفي بدلالة العادة على ثبوته لها عن ذكر اسمه (٦)، فإذا


(١) في (ت)، و (غ): لتعلق.
(٢) سورة آل عمران: الآية ٢٨.
(٣) في (غ)، و (ك): "عامة".
(٤) سقطت من (ت).
(٥) انظر: البرهان ١/ ٤٧٤ - ٤٧٨.
(٦) فمثلًا لو قال الشارع: في الغنم زكاة. وكانت الغنم في وقت ورود الخطاب كلها =

<<  <  ج: ص:  >  >>