للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستنبِطِ المكنونَ من أسْرارِها ... وابحث عن المعنى الأَسَدِّ الأَرْشَدِ

وعليكَ أربابَ العُلُومِ ولا تَكُنْ ... في ضَبْطِ ما يُلْقُونَهُ بمُفَنِّدِ

وإذا أتَتْكَ مقالةٌ قد خَالَفَتْ ... نَصَّ الكتاب أو الحَديثِ المُسْنَدِ

فاقْفُ الكتابَ ولا تَمِلْ عَنْهُ وقِفْ ... مُتَأَدِّبًا مع كل حَبْرٍ أَوْحَدِ

فلُحُومُ أهلِ العلمِ سُمَّتْ للجُنَا ... ةِ عليهمُ فاحفظْ لسانَك وابْعُدِ

هَذِي وصِيَّتيَ التي أُوصِيكَهَا ... أكرِمْ بها مِنْ والدٍ مُتَوَدِّدِ

ومِنْ بديع شعره هذه القصيدة الغراء التي حُقَّ لطلاب العلم أن يحفظوها، لا سيما في هذا الزمان الذي استخف أهلُه بالعلم وأهله، وفُتِنُوا بالدنيا ومناصبها، وأصبح الرجل الحقير الفاسد لماله ومنصبه مبجلًا معظمًا، والعالم التقي الفقير المتواضع مهانًا مبتذلًا، فوا أسفًا ثم ألف فوا أسفا، مصابٌ جَلَلٌ، ونقصٌ في الدين وزلل، وازدراء لخلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضلال وخطل، ولكن عزاء العاقلِ الحصيفِ مقولةُ الشافعي - رضي الله عنه - حيث يقول:

ومنزلة الفقيه مِن السفيه ... كمنزلة السفيه مِن الفقيه

فهذا زاهدٌ في قُرْب هذا ... وهذا فيه أزهدُ منه فيه (١)

وأين أهل هذا الزمان المفتونون بالمناصب من قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم "إنَّ مِنْ إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحاملِ القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرامِ ذي السلطان المقسِط" أخرجه


(١) انظر: المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي ص ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>