للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الجواب وإن كان صحيحًا فلا يحتاج إليه مَنْ يقول: المراد بالأمر في هاتين الآيتين هو القول، أما الأُولى (١): فلأنه لو أريد الفعل للزم أن يكون فعله سبحانه واحدة وهو في السرعة كلمح البصر، وذلك باطل ضرورةَ ثبوتِ تعددِ أفعاله، وحدوث بعضها بالرفق والتدريج (٢)، وإذا حُمِل على القول لا يلزم منه محذور.

وأما الثانية: فإرادة القول فيها ظاهرة يدل عليها قوله تعالى: {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} (٣).

وأبو الحسين وهو المشار إليه بقوله: "البصري" زعم أن لفظ الأمر مشترك بين القول المخصوص - كما سبق - وبين الشيء، كقولنا: تحرك هذا الجسم لأمرٍ، أي: لشيء. والصفة (٤)، كقول الشاعر:

لأمرٍ ما يُسَوَّد مَنْ يَسُودُ (٥)


(١) أي: الآية الأولى.
(٢) أي: فلو فسَّرنا الأمر في قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} بالفعل - لأدى هذا إلى إفادة أن لله تعالى فعلًا واحدًا؛ لأنه قال: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ} بأداة الحصر، وهذا باطل؛ لأنه معلوم أن لله تعالى أفعالًا متعددة. وكذلك لأدى هذا التفسير إلى إفادة أن فعل الله تعالى لا يكون إلا كلمح البصر، وهذا باطل أيضًا؛ لأن من أفعال الله تعالى ما يقع بالتدريج والرفق.
(٣) سورة هود: الآية ٩٧. (في المخطوطات: "واتبعوا" وهو خطأ).
(٤) قوله: والصفة، معطوف على قوله: وبين الشيء. أي: هو مشترك بين القول المخصوص وبين المشترك والصفة.
(٥) هذا عجز بيت، وصدره: عَزَمْتُ على إقامةِ ذي صبَاحٍ =

<<  <  ج: ص:  >  >>