للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقل مارَسَ الحدود والرسوم، أو لم يمارس شيئًا البتة - يأمر وينهى، ويُفَرِّق بالبديهة بين طلب الفعل وطلب الترك، وبينهما وبين المفهوم من الخبر.

وهذا الدليل قد أكثر الإمام التعويل عليه (١)، وهو مدخول من وجوه:

أحدها: أنه لا يلزم من الحكم بالتفرقة بين الشيئين بالبديهة معرفةُ كنه حقيقَتَيْهما (٢)، بل قد لا يَعْرِف الحاكم بالتفرقة ماهيةَ ذلك الشيء، فضلًا عن أن يعرفه بالبديهة (٣). ألا ترى أن كل أحد (٤) يعلم مِنْ نفسه أنه موجود بالبديهة، ويفرق بين الإنسان والمَلَكِ والطائر والفرس، ولا يدري ماهية نفسه ولا ماهية الملك ولا الطائر والفرس - معرفةً خاصة (٥) بالجنس والفصل (٦).

والثاني: أن قوله (٧): يفرق بين طلب الفعل وطلب الترك بالبديهة،


(١) انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٢٣.
(٢) في (ك): "حقيقتهما".
(٣) ولذلك قال الإسنوي رادًا على دليل الإمام: "ولك أن تقول: التفرقة البديهية لا تتوقف على العلم البديهي بحقيقة كل واحدٍ منهما، بل على العلم البديهي بهما من وجه، بدليل أنَّا نفرق بالبديهة بين الإنسان والملائكة". نهاية السول ٢/ ٢٤٢.
(٤) في (ك): "واحد".
(٥) في (ص): "خاصيته". وهو خطأ؛ لأن الخصائص هي أمور عرضية وتعرف بالرسوم أي: بالجنس والخاصة، ولا تكون معرفتها بالحدود، أي: بالجنس والفصل.
(٦) هذه المعرفة الخاصة يقال لها في المنطق: كنه الشيء وحقيقته، وهي معرفة الشيء بالذاتيات أي: الجنس والفصل. قال في سُلَّم العلوم ص ٦٠: "فالحد التام: ما اشتمل على الجنس والفصل القريبين. وهو الموصل إلى الكُنْه".
(٧) أي: قول الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>