للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: الإرشاد، كقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (١)، والفرق بين الندب والإرشاد أن المندوب مطلوب لثواب الآخرة، والإرشاد لمنافع الدنيا، ولا يتعلق به ثواب ألبتة؛ لأنه فِعْلٌ متعلِّق بغرض الفاعل ومصلحة نفسه (٢).

وقد يقال: إنه يثاب عليه، لكونه ممتثلًا (٣)، ولكن يكون ثوابه أنقصَ من ثواب الندب؛ لأن امتثاله مشوبٌ بحظ نفسه. ويكون الفارق إذًا بين الندب والإرشاد إنما هو مجرد أن أحدَهما مطلوبٌ لثواب الآخرة، والآخر لمنافع الدنيا.

والتحقيق أن الذي فَعَل ما أُمر به إرشادًا إنْ أتى به لمجرد غرضه فلا ثواب له، وإنْ أتى به لمجرد الامتثال غير ناظر إلى مصلحته (٤)، ولا قاصدٍ سوى مجرد الانقياد لأمر ربه فيثاب. وإن قصد الأمرين أثيب على أحدهما دون الآخر (٥)، ولكن ثوابًا أنقص من ثواب من لم يقصد غير مجرد الامتثال.


(١) سورة البقرة: الآية ٢٨٢.
(٢) عزا الزركشي هذا الفرق إلى القفال الشاشي وغيره. انظر: البحر المحيط ٣/ ٢٧٦، وانظر: نهاية الوصول ٣/ ٨٤٧، كشف الأسرار ١/ ١٠٧، شرح المحلي على جمع الجوامع ١/ ٣٧٢، الإحكام ٢/ ١٤٢، المحصول ١/ ق ٢/ ٥٨.
(٣) أي: قد يقترن بالإرشاد نيةُ امتثال المرشِد بفعل ما أرشد إليه. انظر: حاشية البناني على المحلي ١/ ٣٧٢.
(٤) في (ك): "مصلحة".
(٥) أي: أثيب على نية الامتثال، دون نية الغرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>