للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن التمثيل بالأكل مما يليه ليس بجيد، فإنَّ الذي نص عليه الشافعي - رضي الله عنه - في غير موضع: أن مَنْ أكل مما لا يليه عالمًا بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان آثمًا عاصيًا (١)، وذكره شارح "الرسالة" أبو بكر الصيرفي وأقره عليه، والشافعي نَصَّ على هذه المسألة في أخواتٍ لها غريبات أخرجهن والدي أطال الله بقاه (٢) وصنف فيهن كتابه المسمى "بكَشْف اللَّبْس عن المسائل الخمس" ونصر المنصوص، وقد ذكرنا عيون ذلك المختصر في ترجمة البويطي (٣) من كتابنا "طبقات الفقهاء" (٤).


(١) انظر: الأم ٧/ ٢٩٢، الرسالة ص ٣٤٩ - ٣٥٢، نهاية السول ٢/ ٢٤٧. قال المحلي: "أما أكل المكلف مما يليه فمندوب، ومما يلي غيره فمكروه، ونَصُّ الشافعي على حرمته للعالم بالنهي عنه - محمولٌ على المشتمل على الإيذاء". شرح المحلي على الجمع ١/ ٣٧٣.
(٢) في (ص): "أخرجهن والدي رحمه الله وأطال الله بقاه". وهذه زيادة من الناسخ قطعًا, لأنه كيف يجتمع القولان! وقد سبق بيان أن التاج رحمه الله تعالى أتم شرح والده في حياته.
(٣) هو يوسف بن يحيى، أبو يعقوب البُوَيْطيّ، المصريّ. وبُوَيط من صعيد مصر. كان أكبر أصحاب الشافعيّ المصريين، وكان إمامًا جليلًا، عابدًا زاهدًا، فقيهًا عظيمًا، مناظرًا، جبلًا من جبال العلم والدين، غالب أوقاته الذكر والتشاغل بالعلم، غالب ليله التهجد والتلاوة، سريع الدمعة. وكان الشافعي - رحمه الله - يحيل عليه في الفتوى. له كتاب "المختصر" الذي اختصره من كلام الشافعي رضي الله عنه، وهو في غاية الحسن. توفي سنة ٢٣١ هـ في سجن بغداد في القيد والغُلِّ؛ لأنه دُعي إلى القول بخلق القرآن فلم يُجب، وثبت رحمه الله. انظر: تاريخ بغداد ١٤/ ٢٩٩، الطبقات الكبرى ٢/ ١٦٢.
(٤) انظر: الطبقات الكبرى ٢/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>