للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه موافقة مَنْ قال: إنه للندب على الإطلاق".

هذا ما حضرنا من المذاهب في هذه المسألة، وقد ادعى الإمام - إذ حكى الاتفاقَ على أن صيغة "افعل" ليست حقيقة في جميع المحامل المتقدمة - أن الخلافَ إنما وقع في أمور خمسة: الوجوب، والندب، والإباحة، والتنزيه، والتحريم (١).

وأنت إذا تأملت ما حكيناه من المذاهب علمتَ أنَّ حَصْر الخلافِ في ذلك ليس بجيد.

قال: (لنا وجوه: الأول: قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}، ذُمَّ على ترك المأمور فيكون واجبًا).

استدل على ما ذهب إليه مِنْ أنَّ صيغة "افعل" حقيقةٌ في الوجوب بوجوه خمسة (٢):

الأول: قوله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} (٣) ووجه الحجة منه: أن الصيغة وإنْ كانت صيغة استفهام، لكن الاستفهام غير مراد منها؛ لاستحالته على مَنْ يستحيل عليه الجهل، بل المراد منها الذم والتوبيخ، وأنه لا عذر له، في الإخلال بالسجود بَعْدَ ورود الأمر به، ولو لم يكن الأمر للوجوب لما حسن الذم والتوبيخ.


(١) انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٦١، ٦٢.
(٢) سقطت من (غ).
(٣) سورة الأعراف: الآية ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>