للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْكُمْ لِوَاذًا} (١)، وإذا كان كذلك - فلو أُمِر المتسللون بالحذر عن المخالفين لكانوا قد أُمِروا بالحذر عن أنفسهم، وذلك غير ممكن.

الثاني: أنا لو سلمنا أن مرجع (الضمير: {الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ}) (٢)، كما ادعوه - لكان أمرًا للمتسللين بالحذر عن المخالفين، ويصير تقدير الآية حينئذ: فليحذر الذين يتسللون منكم لواذًا الذين يخالفون عن أمره (٣)، فيضيع إذ ذاك قوله: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}؛ لأن فاعل {فَلْيَحْذَرِ} حينئذ الضمير، والذين مفعوله، والحذر لا يتعدى إلى مفعولين حتى يكون {أَنْ تُصِيبَهُمْ} مفعولًا ثانيًا له (٤)، فيصير حينئذ ضائعًا لا تَعَلُّقَ له بما قبله ولا بما بعده (٥).


(١) قال ابن كثير رحمه الله تعالى في هذه الآية: "قال مقاتل بن حيان: هم المنافقون كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة - ويعني بالحديث الخطبة - فيلوذون ببعض أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى يخرجوا من المسجد، وكان لا يصلح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة بعد ما يأخذ في الخطبة، وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل؛ لأن الرجل منهم كان إذا تكلم والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب بطلت جمعته". تفسير ابن كثير ٣/ ٣٠٧. قال ابن الجوزي في زاد المسير ٦/ ٦٨: التسلل: الخروج في خفية. واللِّواذ: أن يستتر بشيءٍ مخافة مَنْ يراه.
(٢) في (غ): "الضمير للذين يتسللون".
(٣) فقوله: {الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ} فاعل، و {الَّذِينَ يُخَالِفُونَ} مفعول به.
(٤) سقطت من (ت).
(٥) يعني: فالصواب في الإعراب هو أن قوله: {الَّذِينَ يُخَالِفُونَ} فاعل، وقوله: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} مفعول به, لأن أنْ وما دخلت عليه في تأويل مصدرٍ تقديره: إصابتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>