للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: لم لا يكون مفعولًا (١) لأجله؛ إذ الحذر لأجل إصابة الفتنة، أو العذاب الأليم؟ ! (٢)

قلت: لو كان كذلك لكان مجامعًا للحذر؛ لأن الفعل يجب أن يجامع علته (٣)، واجتماعهما محال (٤). كذا أجاب به الشيرازي شارح الكتاب.

وقد قال الجاربردي الشارح أيضًا: يمكن أن يجاب عن قولهم أولًا: إن الفاعل ضمير يعود على المتسللين - بأنه لو كان كذلك لوجب إظهاره فيقال: فليحذروا؛ لأنه عائد على جمع (٥).

وثالثها: وهو اعتراض على المقدمة الثانية أيضًا، وتقريره: سلمنا أن


(١) سقطت من (ص).
(٢) كذا قال القرافي واعترض به. انظر: نفائس الأصول ٣/ ١٢٣٦.
(٣) المفعول لأجله هو علة الفعل.
(٤) القاعدة في النحو: هو أنه لا بد أن يكون زمان الفعل والمفعول له واحدًا، مثل: ضربته تأديبًا، فالضرب والتأديب في وقت واحد. وهنا زمان الفعل وهو الحذر، وزمان المفعول لأجله: وهي إصابة الفتنة أو العذاب الأليم - ليسا في وقت واحد، بل لا يمكن اجتماع الحذر مع إصابة الفتنة أو العذاب الأليم؛ لما بينهما من التنافي، وعليه فلا بد أن يكون قوله تعالى: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} مفعولا به ليحذر، وإلا كانت الجملة ضائعة لا تعلق لها بما قبلها ولا بما بعدها، وهو باطل. قال ابن مالك في المفعول له: وهْو بما يَعْمَلُ فيه متحدْ وقتًا وفاعلًا، وإنْ شَرْطٌ فُقِدْ انظر: شرح ابن عقيل ١/ ٥٧٣.
(٥) عبارة الجاربردي كما في السراج الوهاج ١/ ٤٥٤: "ويمكن أن يجاب عنه بوجه آخر لم يذكره المصنف: وهو أن الضمير في "فليحذر" مفرد، فكيف يجوز أن يعود إلى "الذين"؛ فإن ضمير المفرد لا يعود إلى الجمع". وقد سبق القرافيُّ الجاربرديَّ في هذا الجواب. انظر: نفائس الأصول ٣/ ١٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>