للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {فَلْيَحْذَرِ} أَمْر للمخالفين (١) بالحذر، وأنه لا ضمير في الآية، لكن لِمَ قلتم: إنه يوجب الحذر، وهل غاية ذلك إلا ورود الأمر به، واقتضاء الأمر الوجوب هو محل النزاع, فالاستدلال (٢) بما ذكرتموه مصادرة على المطلوب (٣).

أجاب: بأنا لا ندعي وجوب الحذر من قوله: {فَلْيَحْذَرِ}، وإنما ندعي أنه يفيد حُسْنَ الحذر عن مخالفة الأمر، وحُسْن الحذر دليل على قيام المقتضي للوقوع في المحذور (٤)، وإلا (٥) لكان الحذر عبثًا (٦).

ولقائل أن يقول: قد يحسن الحذر مع التردد في قيام المقتضي؛ لمجرد ذلك التردد، عملًا بالأحوط، كالدائر بين أمرين يتردد في اقتضاء أحدهما وقوع الضرر، ولا يتوقع ضررًا من الآخر، فإنه يحسن أن يحذر من الأول. والأمر متردد بين الوجوب وعدمه، فيحسن التحذير منه، ولو لمجرد (٧) التنازع في مقتضاه (٨).


(١) في (ص): "المخالفين".
(٢) في (ص): "والاستدلال".
(٣) أي: هذا الدليل ينبني على أن الأمر للوجوب، وهو محل النزاع، فالاستدلال به مصادرة على المطلوب.
(٤) وهو الوقوع في الفتنة أو العذاب الأليم.
(٥) أي: وإن لم يكن الحذر دليلًا على قيام المقتضي.
(٦) وذلك محال على الله تعالى، وإذا ثبت وجود المقتضي ثبت أن الأمر للوجوب؛ لأن المقتضي للعذاب هو ترك الواجب دون المندوب. انظر: نهاية السول ٢/ ٢٥٨.
(٧) في (ت): "بمجرد".
(٨) انظر: نفائس الأصول ٣/ ١٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>