للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورابعها: أنا سلمنا صحة ما ذكرتم من المقدمتين، إلا أن قوله تعالى: {عَنْ أَمْرِهِ} في الآية المذكورة - لفظٌ مفرد، فيفيد أن أمرًا واحدًا للوجوب، لا أن كل أمر للوجوب.

أجاب: بأنه عام؛ لجواز الاستثناء، إذ يصح أن يقال: ليحذر الذين يخالفون عن أمره إلا في الأمر الفلاني. ومعيار العموم جواز الاستثناء، كما ستعرفه إن شاء الله تعالى. هذا شرح ما في الكتاب.

وقد اعترض النقشواني على الاحتجاج بالآية فقال: "الأمر" هنا بمعنى الشأن: وهو الاجتماع على محاربة الكفار؛ لأنه مذكورٌ (١) معرَّفٌ بالإضافة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذُكِر قبل هذا مُنَكَّرًا في قوله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} (٢)، وذلك الأمر هو الشأن: وهو الاجتماع على المحاربة، وهو الذي دعاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه (٣)، وكان بعضهم يتسلل لواذًا، فأراد بالمخالفة ههنا: الانحراف وهو التسلل لواذًا في المعنى، وإذا كان ذلك (٤) محمولًا على الانحراف (٥) استقام دخول "عن" فيه، فيقال: انحرف عن كذا. ولا يقال: ترك عن كذا. فإذا كان الأمر محمولًا على الشأن، والمخالفة على الانحراف - لم يبق


(١) سقطت من (ك).
(٢) سورة النور: الآية ٦٢.
(٣) سقطت من (ت).
(٤) سقطت من (ت).
(٥) أي: الفعل {يُخَالِفُونَ} محمول على الانحراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>