للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقرير ما احتج به أبو هاشم: أنه لا فارق بين السؤال والأمر إلا الرتبة، فإن رتبة الآمِر أعلى مِنْ رتبة السائل، والسؤال للندب فكذلك (١) الأمر؛ لأن الأمر لو دل على شيء غير الندب من إيجاب أو غيره - لكان بينهما فرقا آخر، وهو خلاف ما نقلوه. هذا تقرير الاحتجاج وقد يعبِّر بعض الشارحين: بأن الأمر لو دل على الإيجاب (٢). وهي عبارة صحيحة في الرد على القائلين بالوجوب، إلا أن أبا هاشم لم يأت بهذا الوجه لإبطال مذهب الوجوب، بل لتقرير مذهبه، فكان الأحسن أن يقال: بأن الأمر لو دل على شيء غير الندب، كما أوردناه، ولا يَخُصُّ الوجوب بالذكر.

وأجاب المصنف: بأن (٣) السؤال من (٤) حيث الوضع يدل على الإيجاب أيضًا؛ لأن صيغةَ "افعل" عند القائل بأنها للإيجاب - موضوعةٌ لوجوب الفعل مع المنع من الترك، وقد استعملها السائل، لكن لا يلزم من السؤال الوجوب؛ إذِ الوجوب حُكْم شرعي يستدعي إيجاب الشرع (٥)، ولذا لا يلزم المسؤول القبول.

فإنْ قلت: إذا دلَّ السؤال على الإيجاب لزم افتراقهما من وجه آخر؛ إذ إيجاب الأمر يدل على الوجوب بخلاف إيجاب السؤال.


(١) في (ت): "فكذا".
(٢) يعني: بدل قوله: لو دل على شيء. . . إلخ.
(٣) في (ص): "أن".
(٤) سقطت من (ت).
(٥) أي: الوجوب لا يثبت إلا بالشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>