للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقيَّد بالتكرار وبالمرة مجاز لما قلناه (١).

وهذا بحث صحيحٌ مطرد في كل أعم استعمل في أخص، وبعضهم يفصِّل فيه فيقول: إن استعمل فيه باعتبار ما فيه من القدر الأعم فهو حقيقة، وإن استعمل فيه باعتبار خصوصه فهو مجاز (٢).

وهذا التفصيل لا حاجة إليه، لأنه إذا استعمل فيه باعتبار ما فيه من القدر الأعم لا يخرج عن كونه استعمل العام في الخاص (٣). وقوله:


= وجودها في الذهن، فالألفاظ موضوعة لتلك المعاني الذهنية، فإذا استُعْمل اللفظ في المعاني الخاصة التي تكون متشخصة في الخارج، وهي (أي: المعاني الخاصة) أفراد المعاني الذهنية العامة - فإن هذا الاستعمال يكون مجازًا؛ لأن اللفظ قد استعمل في غير ما وضع له، فهو وضع للمعاني العامة. واستُعْمل في المعاني الخاصة.
(١) أي: لما قلناه من أن استعمال الأعم في الأخص مجاز، ولما قلناه أيضًا عن الإمام من أن الألفاظ وُضعت للمعاني الذهنية العامة, ولم توضع للمعاني الخارجية الخاصة (أي: المتشخصة في الخارج)، فالأمر معناه الذهني: هو مطلق الطلب، فإذا قُيِّد الأمر بأنه للتكرار فهو فَرْدٌ من أفراد المعنى الذهني، وكذا إذا قُيِّد الأمر بأنه للمرة فهو فرد من أفراد المعنى الذهني، فيكون استعمال الأمر مقيدًا بالمرة أو بالتكرار مجازًا؛ لأنه استعمال للفظ في غير ما وُضع له. قال الإسنوي رحمه الله تعالى في نهاية السول ٢/ ٢٧٧: "ففر من مجازٍ واحد، فوقع في مجازين"، أي: فَرَّ القائل بأن الأمر يدل على مطلق الطلب من مجاز واحد، ووقع في مجازَيْن.
(٢) أي: إن استعمل اللفظ في المعنى الخاص (وهي الأفراد الخارجية) باعتبار أن القدر المشترك الأعم موجود فيه - فهو حقيقة؛ لأن اللفظ استعمل من حيث وجود المعنى الأعم لا الأخص. وإن استُعمل اللفظ في المعنى الخاص باعتبار خصوصه لا باعتبار أن القدر المشترك موجود فيه - فهو مجاز؛ لأن اللفظ استُعْمِل من حيث المعنى الخاص لا المعنى العام الموجود في الخاص، فهو استعمالٌ للفظ في غير ما وُضع له.
(٣) يعني: فهو مجاز وإن استعمل العام في الخاص باعتبار القدر الأعم الموجود في الخاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>