للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"باعتبار" سببٌ في الاستعمال، فهو كاستعمال الأسد في الشجاع باعتبار الشجاعة. وإن أراد بقوله: "باعتبار" أنه لم يستعمل إلا في الأعم فذلك إحالة لفرض المسألة؛ لأن فرض المسألة أنه استعمل في الأخص (١).

الثالث: وهو دليل على ضعف القول بالتكرار، أنه لو كان مقتضيًا للتكرار لعم جميع الأوقات حتى يجب فعل المأمور به فيها؛ وذلك لعدم أولوية وقتٍ دون وقت، لكنه لا يعم جميع الأوقات؛ لوجهين:

أحدهما: أنه لو عَمَّها للزم وقوع التكليف بما لا يطاق (٢).

والثاني: أنه يلزم أن ينسخه كل تكليف يأتي بعده لا يمكن مجامعته له في الوجود (٣)؛ وذلك لأن الأمر الأول قد استوعب جميع الأوقات بفعل (٤) المأمور به، والثاني (٥) يقتضي الإتيان بالمأمور به، (والإتيان بالمأمور به أولًا


(١) يعني: إن أراد المفصِّل بقوله: باعتبار كذا، وباعتبار كذا، أن اللفظ العام لم يُستعمل إلا في المعنى الأعم، فهذا يبطل المسألة المفروضة؛ لأن المسألة مفروضة في استعمال العام في المعنى الأخص لا الأعم. والمقصود أنه لا يجوز أن يقصد بهذا الترديد الذي قاله: أنه لم يستعمل إلا في المعنى الأعم؛ لكون المسألة مفروضة في المعنى الأخص.
(٢) لأن المكلف لا يستطيع أن يفعل المأمور به في كل أوقاته، فهو يحتاج إلى الراحة والنوم، وقضاء الحاجة، والأكل والشرب، ونحو هذا.
(٣) وذلك كالأمر بالصلاة أولًا، ثم الأمر بالزكاة والحج والجهاد وكسب النفقة الواجبة بعد الأمر الأول.
(٤) في (غ)، و (ك): "لفعل".
(٥) أي: الأمر الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>