للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الدليل متوقف على قاعدة: وهي أن اللغات لم يوضع الطلب فيها إلا للمقدور دون المعجوز عنه. ونحن وإن قلنا بجواز تكليف ما لا يطاق - فإنما نقول به في أحكام الربوبية (١)، لا في الموضوعات اللغوية (فإنما وضعت اللغات) (٢) لتحصيل المقاصد العادية، والمُحال لا يُحَصَّل عادة.

واعترض على هذا الدليل: بأنكم إنْ عنيتم بالقدرة ما له أثر يستند ذلك (٣) إليه - فلا نسلم أن التكليف يعتمد هذه القدرة، بل ذلك في (٤) الفعل، وأما في الترك فلا (٥).

وإنْ عَنَيْتُم بالقدرة ما يجده من (٦) نفسه كل أحد، وهو أن سليم الأعضاء القوي يُدْرِك من نفسه أنه متى أراد الفعل فَعَل، ومتى أراد الترك ترك، ويجد من نفسه التمكن - فنحن نُسَلِّم ذلك، ونمنع أنه غير قادر بهذا الاعتبار (٧).


(١) أي: في تكليفات المولى سبحانه وتعالى.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) أي: ذلك الأثر.
(٤) في (ص): "من". وهو خطأ.
(٥) المعنى: أننا لا نُسَلِّم أن التكليف يعتمد هذه القدرة في النهي الذي هو الترك؛ لأن الترك من الأمور العدمية، والعدم ليس للقدرة فيه تأثير، بل التكليف يعتمد هذه القدرة في الأمر بالفعل؛ لأن الفعل من الموجودات، والقدرة تؤثر فيها.
(٦) في (ت): "في".
(٧) يعني: إنْ عَنَيْتُم بالقدرة التمكن: وهو أن المكلف متمكن من الفعل وعدمه، بإرادته واختياره - فنحن نُسَلِّم بهذه القدرة، ونمنع أن المكلف غير قادر على الترك بهذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>