للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول أبي هاشم: إن المطلوب نفس أن لا تفعل (١) - فهو وإن كان يبتدر إلى الذهن في الأول؛ لأن حرف النهي ورد على الفعل فقد طلب منه عدمه، لكن نفسَ أن لا تفعل عدمٌ مَحْضٌ فلا يكلَّف به ولا يُطلب، وإنما يُطلب من المكلف ما له قدرة على تحصيله، فلعل مراد أبي هاشم العدم الذي هو من الانتهاء، والانتهاء فِعْل، فإن أراد ذلك تقارب المذهبان، ويكون الجمهور نظروا إلى حقيقة ما هو مكلَّف به، وأبو هاشم نظر إلى المقصود به، وهو إعدام دخولِ المنهي عنه في الوجود.

وإن لم يرد أبو هاشم ذلك، وأراد [أن] (٢) العدم المحض (٣) الذي لا صنع للمكلَّف في تحصيله - فهو باطل.

إذا عُرِف هذا فَقَوْل شارح المحصول: إن هذه المسألة لا تشتبه بأن النهي عن الشيء أمر بضده؛ لأن الكلام في ذلك لفظي وفي هذه معنوي - ليس بجيد، أما أوَّلًا فلأنه ليس الكلام في تلك لفظيًا فقط، بل لفظيًا ومعنويًا، وحقيقة (النهي والأمر) (٤) أمران نفسانيان (٥) يُعبَّر عنهما بلفظٍ، والكلام في حقائقهما (٦).


(١) في (ت): "أن لا يفعل".
(٢) حذف (أن) أولى وأحسن.
(٣) في (ت)، و (غ): "الصِّرف".
(٤) في (ت)، و (غ): "الأمر والنهي".
(٥) أي: أنهما معنيان معقولان في النفس، فالخلاف بينهما معنوي.
(٦) يعني: الكلام في مسألة النهي عن الشيء أمر بضده: عن حقائق النهي والأمر، وهل هما شيء واحد، أم متلازمان؟ وهذا خلاف معنوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>