للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كله لم أصنع

فقد بان الفرق بين سلب العموم، وعموم السلب.

واعلم أن النهي والنفي مِنْ وَادٍ واحد، ومقتضى ذلك أن يَطَّرِد حكم النفي في النهي، فإذا قلت: لا تضربْ كلَّ رجل، أو كلَّ الرجال - يكون النهي عن المجموع (١)، لا عن كل واحد.

ويتعدى هذا إلى سائر صيغ العموم كقولك: لا تضرب الرجال: إلا أن يكون هناك قرينة تقتضي ثبوتَ النهي لكل فردٍ.

والأصوليون قالوا: دلالة العموم كليةٌ، ولذلك يُسْتدل بها في النفي والنهي وما ذكرناه يرد عليهم (٢).

قلت: وهذا الذي أوردناه من التفرقة بين تقدم النفي على كلٍّ وتأخره عنها هو الذي ذكره البيانيون (٣)، وارتضاه (الشيخ الإمام) (٤) والدي أيده الله تعالى، وهو وإنْ كان في غاية الظهور إلا أن لقائل أن يقول: ما بَرِحَت العلماء سلفًا وخلفًا تستدل بقوله تعالى: ({وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ}) (٥) (٦)،


(١) أي: عن العموم، فهو سلب جزئي، فلا يكون نهيًا عن الخصوص، وهو النهي عن كل فرد.
(٢) أي: ما ذكرناه من كون صيغ العموم المنفية (أي: المسبوقة بالنفي) كلٌّ لا كلية - يرد على كلام الأصوليين القائلين بأن صيغ العموم كلية، سواء في حالة الإثبات أو النفي والنهي.
(٣) انظر: مختصر المعاني ص ٧٧ - ٨٢، وآداب البحث والمناظرة ص ٢٤.
(٤) سقطت من (ت).
(٥) سقطت من (ت).
(٦) سورة الأنعام: الآية ١٥١. سورة الإسراء: الآية ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>