للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمخشري في قوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (١): إنما استفيد العموم من لفظة (٢) "مِنْ"، ولو قال: ما لكم إلهٌ غيره - لم يعم، مع أن لفظة "إله" نكرة، وقد حَكَم بأنه لا يعم. وكذلك قوله: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} (٣) قال: إنما استفيد العموم مِنْ لفظة (٤) "مِنْ".

وقال: إن لفظة (٥) "مِنْ" تارة (٦) تكون لإرادة العموم نحو ما تقدم وتارة تؤكد العموم كقولك: ما جاءني من أحد (٧).

وهذا الذي قاله الزمخشري يمكن تأويله على أنها أربع مراتب، كما أشرنا إليه: أدناها في إفادة العموم: ما جاءني رجل؛ لعدم دخول "مِنْ"؛ ولعدم اختصاص رجل بالنفي. وأعلاها: ما جاءني مِنْ دَيَّار؛ لانتفاء الأمرين (٨). والمرتبة المتوسطة: ما جاءني مِنْ رجل. وما جاءني أحد. كما أشرنا إليه من قبل. فإن أراد الزمخشري ذلك (٩) صَحَّ كلامه، وإلا فهو ممنوع؛ لأن مِثْلَ قوله تعالى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (١٠)، وقوله:


(١) سورة المؤمنون: الآيتان ٢٣، ٣٢.
(٢) في (غ)، و (ك): "لفظ".
(٣) سورة الأنعام: الآية ٤. سورة يس: الآية ٤٦. (وفي النسخ: "ما تأتيهم. . .").
(٤) في (غ)، و (ك): "لفظ".
(٥) في (غ)، و (ك): "لفظ".
(٦) سقطت من (ص).
(٧) انظر: نفائس الأصول ٤/ ١٧٩٧، ١٧٩٨.
(٨) وهما: عدمُ دخول "مِنْ"، وعدم الاختصاص بالنفي. فدخول "من"، واختصاص "ديَّار" بالنفي جعل العموم قطعيًا.
(٩) وهو أن مِنْ لتأكيد العموم، وجعله نصًا.
(١٠) سورة البقرة: الآيات ٤٨، ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>