للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} فإنا حملناه على الأكل للعرف، والخلاف في هذه الآية هو الذي في تلك. قال: "أو عقلًا كترتيب الحكم على الوصف" هذا هو القسم الثالث وهو ما يدل عليه بالعقل وهو ثلاثة:

أولها: وعليه اقتصر في الكتاب ترتيب الحكم على الوصف، فإن ترتيبه يشعر بكونه علة له، وذلك يفيد العموم بالعقل، على معنى أنه كلما وجدت العلة وجد المعلول، وكلما انتفت انتفى. فهذا القسم إنما دل بالعقل ولم يدل باللغة ولا بالعرف، أما العرف فواضح، وأما اللغة فلأنه لو دلَّ بها لكان إما بالمنطوق أو المفهوم، وانتفاء المفهوم ظاهر، ولا يدل بالمنطوق؛ لأن تعليق الشيء بالوصف لا يدل على التكرار لفظًا.

والثاني: ما يُذْكر جوابًا عن سؤالِ سائلٍ، كما إذا سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن أفطر؟ فقال: "عليه الكفارة" فيعلم أنه يعم كلَّ مفطر.

والثالث: مفهوم المخالفة عند القائلين به (١)، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَطْلُ الغني ظلمٌ"، فإنه بمفهومه (٢) يدل على أن مَطْلَ غير الغني لا يكون ظلمًا (٣).

وأما مفهوم الموافقة فداخلٌ في القسم الأول (٤)؛ إذ الحكم إنما ثبت فيه بطريق الأَوْلى؛ لأجل أن العلة فيه أولى. أو لكونه (٥) مساويًا؛ لأجل أن


(١) سقطت من (ت).
(٢) أي: بمفهومه العقلي، فهذا الفهم بالعقل لا باللغة.
(٣) والعموم جاء من قوله: مطل غير الغني، فإن "مطلَ" نكرةٌ مضافة إلى معرفة وهي تعم. وكذلك من النكرة في سياق النفي في قوله: لا يكون ظلمًا.
(٤) وهو ترتيب الحكم على الوصف.
(٥) أي: لكون الحكم في مفهوم الموافقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>