(٢) هذا عطف على قوله: "لا عن الإرادة نفسها". (٣) يعني: ليس التخصيص عن الدلالة: التي هي الإفهام عند التجرد من القرائن (أي: كون اللفظ بحيث إذا أطلق فُهم منه المعنى)؛ لأن هذا الإفهام لا يُبْطل بالمخصِّص، بمعنى أن وجود المخصِّص للفظ العام لا يعني أننا لا نفهم من لفظ العام العموم، بل اللفظ العام - مع وجود المخصِّص - دال على العموم، ولكن المخصِّص دلَّ على أن المتكلم لم يرد العمومَ المفهومَ من اللفظ بالوضع اللغوي. فالعام عمومه الوضعي مراد، والمخصِّص لا ينافيه (أي: لا ينافي إرادته لغة)، بل يُحتاح إليه لضرورة الإخراج وإرادة الباقي باللفظ بعد التخصيص. قال الشيخ المطيعي رحمه الله تعالى: "شمول اللفظ مراد تناولًا، لا إرادةً ولا حكمًا، وذلك ليصح الإخراج. وهذا اصطلاح الشافعية". سلم الوصول ٢/ ٣٧٥. وقال القرافي رحمه الله تعالى: "ورود التخصيص على اللفظ العام لا يُبْطل دلالته على العموم، فإن الدلالة: هي الإفهام عند التجرد. وهذا المعنى لا يبطل بالمخصِّص، فإن لفظ "المشركين" يُفْهَم منه الآن المشركُ الذمي وغيره، وإنْ كان الذمي قد خرج منه". يعني: مع علمنا بأن لفظ "المشركين" مخصوص إلا أن دلالته على العموم لا زالت باقية مفهومةً منه، غاية الأمر أن بالتخصيص علمنا أن المتكلم لم يُرد ذلك المخصوصَ المفهومَ من عموم اللفظ اللغوي. ثم قال القرافي: "وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} يُفهم منه الآن العمومُ، وقد دخله التخصيص إجماعًا بالثابت وغيره ممن يتفضل الله تعالى =