للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعْتُرِض على هذا: بأن مِنْ صور النسخ عندنا: النسخَ قبل التمكن، وقبل إتيان زمان الفعل، وحينئذ يكون النسخ إبطالًا للحكم بالكلية، فلا يقال: إنَّ ذبح الذبيح اختص ببعض الأزمنة، بل ما وقع، (ولا يقع) (١).

واعْتُرِض على قوله: "التخصيص أعم": بأن التخصيص أيضًا قد يقع في الأزمنة (٢)، كما في قول القائل: والله لا أكلمه الأيام. وأراد أيامًا معدودة (٣). والنسخ قد يقع في غير الأزمنة، كما في النسخ قبل العمل، ويتطرق إلى كل الأحكام بأي طريق ثبتت (٤)، والتخصيص لا يتطرق إلا إلى ما ثبت بالألفاظ (٥).

والأصوليون ذكروا الفرق بينهما من وجوه:

أحدها: أن التخصيص مخصوص بالأعيان، والنسخ مخصوص


(١) قوله: "بل ما وقع ولا يقع" أي: ما وقع في الماضي، ولا يقع في الحاضر والمستقبل. فرفع حكم الذبح ليس مختصًا بزمان، بل هو رفع له بالكلية، فلا يكون هذا الرفع تخصيصًا للزمان.
(٢) أي: في إخراج بعض الأزمنة.
(٣) فقوله: "الأيام" شامل لجميع الأيام، فإرادة بعضها تخصيص.
(٤) أي: سواء بالألفاظ، أو بالفعل، أو بالإقرار، أو بالقياس.
(٥) فيكون النسخ أعم من هذا الوجه، ويكون التخصيص أعم من جهة تناول الأشخاص في بعض صوره دون الأزمنة، ويجتمعان في إخراج بعض الأزمنة، فيكون كل واحدٍ منهما أعمَّ من الآخر من وجه، وأخص من وجه. انظر: نفائس الأصول ٤/ ١٩٣٢، والاعتراضان السابقان ذكرهما القرافي، ومنه استفادهما الشارح رحمهما الله تعالى. انظر: نفائس الأصول ٤/ ١٩٣١، ١٩٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>