للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجرد هذا لا يكفي في حكايته مذهبًا (١).

والرابع: أن أقله واحد. أخذه بعضهم (٢) من قول إمام الحرمين في "البرهان": "والذي أراه أن الرد إلى واحد ليس بدعًا، ولكنه أبعد من الرد إلى اثنين" (٣).

وعندي في هذا نظر، والظاهر أنه أراد أنَّ الرد إلى واحد ليس بِدْعًا بطريق المجاز (٤). وعند هذا ينقدح للمعترض أن يقول: ليس الكلام في


(١) قد نقل هذا الكلام الزركشي عن الشارح في البحر المحيط ٤/ ١٨٧، ١٨٨، ونقله الشوكاني عن الزركشي في إرشاد الفحول ص ١٢٤، ومع ذلك فقد قال الإسنوي في نهاية السول ٢/ ٣٩١: "وتوقف الآمدي في المسألة". والصواب أنه لم يتوقف، بل علَّق التوقف على عدم الترجح، وهذا مما لا ينكر. فإن قيل: هو لم يرجَّح. قلنا: لا يلزم من كونه لم يرجَّح هنا أنه بقي على عدم الترجيح، فربما ظهر له مرجِّح بعد ذلك، ولربما كان عنده - حينما قال هذا الكلام - نوع من ميل لأحد القولين؛ لكنه لم يصرح به لعدم استكماله أوجه الترجيح أو لقوة المعارض، والحاصل أن إثبات مذهب التوقف لا يحسن بمثل هذا الكلام المعلَّق، بل ظاهر هذا الكلام الذي قاله الآمدي يدل على أن البحث عنده لم يستكمل ويحتاج إلى مزيد نظر للترجيح، فإن عجز بعد بذل الوسع كان التوقف.
(٢) وهو ابن الحاجب رحمه الله تعالى. انظر: العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٠٥، لكن قال الأصفهاني في بيان المختصر ٢/ ١٢٧: "ورابعها: الثلاثة بطريق الحقيقة، ويصح إطلاقه على الاثنين والواحد بطريق المجاز. وهو مذهب الإمام". أي: إمام الحرمين. ولكن عبارة ابن الحاجب لا تفيد ما ذكره الأصفهاني، بل تفيد بأن إمام الحرمين يرى صحة إطلاق الجمع على الواحد حقيقة. وهذا ما بينه العضد في الشرح، والتفتازاني في الحاشية، والشارح أيضًا في رفع الحاجب ٢/ ٩٠.
(٣) انظر: البرهان ١/ ٣٥٢، وعبارته: "ولكنه أبعد من الرد إلى اثنين بكثير".
(٤) وقد رجَّح الشارح رحمه الله تعالى في رفع الحاجب (٢/ ٩٥) أن اختيار إمام الحرمين في مسألة الجمع: أن أقله ثلاثة. وذلك من فهمه لكلام إمام الحرمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>