للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إطلاق ذلك مجازًا، وإنْ أراد إطلاقه حقيقةً فبعيدٌ.

ولقائل أن يقول: أنت قد قلت: لا بدع فيه. ثم قلت: وهو أبعد من الرد إلى اثنين. وما (١) نَرَى (٢) الحقائقَ مختلفةَ المراتب في آحادها، بل لو كان حقيقة لتساوى هو والاثنان والثلاثة (٣).

والخامس: حكاه أبو (٤) عَمْرو بن الحاجب: أنه لا يُطْلق على اثنين لا حقيقة ولا مجازًا (٥). وعندي في ثبوت هذا القول نظرٌ؛ فإنه لا نزاع عند القائلين بالمجاز في صحة إطلاق الكل وإرادة الجزء.

وقد يجاب: بأن الثلاثة: ليست كلًا؛ فإن الكل ماهية يتجزأ منها أجزاء، والثلاثة لا يتجزأ منها أجزاء، بدليل أنه لا يصح إطلاق لفظِ "واحد" عليها، ولو كانت كُلًا لصَحَّ؛ لأن إطلاق البعض وإرادة الكل جائز كالعكس (٦).


(١) في (ت): "ولا".
(٢) سقطت من (ت)، وفي (ص)، "تُرَى".
(٣) معنى الاعتراض: أنَّ إمام الحرمين إنْ أراد: بأن أقل الجمع حقيقةٌ في الواحد - فلا يصح أن يقول: ولكنه أبعد من الرد إلى اثنين؛ لأن مفهوم كلامه هذا يُشْعر بأن دلالة اللفظ الحقيقية على الاثنين أقربُ من دلالته على الواحد، وهذا لا يصح؛ لأن الحقائق لا تختلف مراتبُ آحادها، أي: أفرادها، فاللفظ يدل على أفراد معناه الحقيقي دلالة متساوية؛ لأن هذا هو معنى الحقيقة، أما إذا ترجح معنى على آخر، كان الراجح هو الحقيقة، والآخر هو المجاز. وانظر: البحر المحيط ٤/ ١٨٨، إرشاد الفحول ص ١٢٤.
(٤) في (ص): "ابن". وهو خطأ.
(٥) انظر: بيان المختصر ٢/ ١٢٦، ١٢٧، شرح العضد ٢/ ١٠٥، رفع الحاجب ٢/ ٩٠.
(٦) قوله: وقد يجاب بأن الثلاثة ليست كلًا. . . إلخ. معناه: أن قول القائل: إطلاق الجمع على الاثنين يصح مجازًا لأنه من باب إطلاق الكل على الجزء - فيه نظر؛ إذ الثلاثة =

<<  <  ج: ص:  >  >>