للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرفت هذا - فقد استدل أصحابنا بوجوه:

منها: أن الضمائر مختلفة، فالضمير في الجمع غير الراجع إلى التثنية (١)، فدل على تغايرهما، فلا يكون حقيقة في اثنين؛ إذ لو كان لصح إطلاقه عليه (٢).

ومنها: أن أهل اللغة يفصلون بينهما، ويجعلون كلًا منهما قسيمًا للآخر، فقالوا: الاسم قد يكون مفردًا، وقد يكون مثنى، وقد يكون مجموعًا فدل على التغاير.

واحتج القاضي أبو بكر في أصحابه بأوجه:


= التي هي أقل الجمع - على هذا القول الخامس - ليس كلًا حتى يصح هذا الاعتراض؛ لأن الكل ماهية تتجزأ إلى أجزاء، والثلاثة لا يتجزأ منها أجزاء، والدليل على ذلك أنه لا يصح أن يطلق بعض الثلاثة على الثلاثة، ولا أن تُطلق الثلاثة على بعضها، ولو كانت كلًا لصح ذلك. وعندي في هذا الجواب نظر؛ لأن الثلاثة كل؛ إذ الكل: هو المجموع المحكوم عليه. والثلاثة مجموع محكوم عليه، وكلُّ أسماء الأعداد كلٌّ. انظر: التمهيد ص ٢٩٨. وأما عدم صحة إطلاق الواحد على الثلاثة، أو العكس - فلأن المجاز موضوع، ولم تضع العرب الواحد للثلاثة، أو العكس. وعلى القول بأنه ليس بموضوع فالواحد صريح في معناه لا يحتمل غيره، وكذا بقية الأعداد، فمن ثَمَّ لم يصح إطلاق البعض على الكل أو العكس في الأعداد. ثم إن الخلاف ليس في إطلاق لفظ "ثلاثة" على "اثنين"، أو "واحد"، بل الخلاف في إطلاق صيغة الجمع التي هي حقيقة في الثلاثة على اثنين مجازًا.
(١) فضمير المفرد غير بارز، وضمير المثنى ألف، وضمير الجمع واو، نحو: افعل، وافعلا، وافعلوا. وهكذا في بقية الضمائر. انظر: نهاية السول ٢/ ٣٩١.
(٢) أي: فلا يكون الجمع حقيقة في اثنين؛ إذْ لو كان حقيقة في اثنين لصح إطلاقه على ضمير التثنية، فنقول عن ضمير التثنية ضمير جمع، وهو باطل اتفاقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>