للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد علمتَ في فصل الحروف أن مثل هذا ساقط من الكلام غير معدود من صنيع (١) العلماء، وإنما هو استرواح بما لا يَعْصِم.

وثانيها (٢): قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (٣)، والمراد: عائشة وحفصة رضي الله عنهما، فأطلق القلوب وأراد قلبَيْن، والأصل في الإطلاق الحقيقة. قال إمام الحرمين في "التلخيص": وهذه الآية أقوى الآيات في الدلالة على الخصوم (٤).

وقد أجيب عن الاحتجاج بها كما ذكر في الكتاب: بأن حقيقةَ القلب: الجِرْمُ الحالُّ في الجانب الأيسر. ومجازه: ميوله. ومنه قولهم: لا قلب له إلى فلان، أي: لا ميل، والمجاز هو المراد هنا، والتقدير: فقد صغت ميولكما، يدل على هذا أنَّ الجِرْم لا يوصف بالصغو.

وهذا الجواب أيضًا ساقط؛ لأن القاعدة عند النحاة أنه (٥) إذا أضيف شيئان إلى ما تضمنهما - جاز فيه ثلاثة أوجه، نحو: قطعت رأسَي الكبشَيْن، ورأسَ الكبشَيْن، ورؤوس الكبشَيْن (٦).


(١) في (ت)، و (غ): "صُنْع".
(٢) في (ص): "وثانيهما" وهو خطأ؛ لأنها ثلاثة أوجه.
(٣) سورة التحريم: الآية ٤.
(٤) أي: في الاحتجاج على الخصوم القائلين بأن أقل الجمع ثلاثة. انظر: التلخيص ٢/ ١٧٥.
(٥) سقطت من (ت).
(٦) فالكبشان متضمنان للرأسَيْن، فجاز فيهما الإفراد والتثنية والجمع. والمعنى المراد: أن القلوب في الآية مضافة إلى ما تضمنهما وهما حفصة وعائشة رضي الله عنهما، فجاز التعبير عن قلبَيْهما بصيغة الجمع. ووجه سقوط الجواب أن الدليل الذي احتج به =

<<  <  ج: ص:  >  >>