للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه نظر؛ لأنا نعلم أن المشترك وَضَعه الواضع لكلٍ من المعنيين وحده، بخلاف العام (١)، ولكن أدى مساق البحث على طريقة الآمدي إلى ما قلناه (٢).

ويُؤْنسك إلى اشتراط مقارنة الإرادة - في هذا النوع - لأول اللفظ ما ذكره الفقهاء في تكبيرة الإحرام (٣)، وفي كنايات الطلاق (٤).


(١) أي: دلالة المشترك على معانيه بطريق البدل، ودلالة العام على أفراده بطريق الشمول، فَجَعْل المشترك حقيقة إذا استعمل في مَعْنَيَيْه - أي: دالًا على معانيه بطريق الشمول - بعيد، والمعنى: أن استعمال المشترك في أحد معنييه ليس من قبيل العام المراد به الخصوص؛ لأن المشترك حقيقي في كل معنى على حدة؛ لأن الواضع وضعه لكل معنى على حدة، بخلاف العام فقد وضعه الواضع لجميع الأفراد، فاستعماله للبعض بخلاف الوضع.
(٢) أي: أدى مساق البحث على طريقة الآمدي في جعله المشترك كالعام: أن يكون البحث في استعمال المشترك في أحد معنييه، كالبحث في العام المراد به الخصوص، مع أن الفارق بينهما واضح؛ إذ العام موضوع لجميع الأفراد، والمشترك موضوع لكل معنى على حدة. وحاصل ما سبق أنه لما كان استعمال المشترك في أحد معنييه حقيقة - سواء عند مَنْ منع استعماله في معنييه، أو عند مَنْ جَوّز استعماله في معنييه - فكذلك استعمال العام في بعض أفراده حقيقة، أي: قسنا عموم الشمول (وهو العام المستعمل في بعض أفراده) على عموم البدل (وهو المشترك المستعمل في أحد معنييه) بجامع كون كلٍّ منهما دالًا على أفراده بالمطابقة. وواضح أن هذا القياس على قول مَنْ يقول بأن دلالة العام على أفراده بالمطابقة، وكون العام المراد به الخصوص حقيقة إنما هو تفريع على هذا القول.
(٣) أي: تكبيرة الإحرام من قبيل العام المراد به الخصوص؛ إذ هي ذكر لله تعالى، يقال في كل حال، أما قوله للدخول في الصلاة فهو ذكر مخصوص، لا بد فيه من نية تنقله من عموم الذكر المقول في كل وقت، إلى ذكر مخصوص مقول في وقت مخصوص، فلا بد من مقارنة النية لأول التكبير. انظر: المجموع ٣/ ٢٧٧.
(٤) قال النووي رحمه الله تعالى: "وشرط نية الكناية اقترانها بكل اللفظ، وقيل: يكفي =

<<  <  ج: ص:  >  >>