للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستثناء، وهذا يُقَوِّي أن العام المخصوص حقيقةٌ، لكنِ الأكثرون على أنه مجاز، ووجهه: أنه يَجْعَل اللفظَ موضوعًا استعمل في معناه بتمامه غير مُخْرَج منه شيء، فمتى استعمله مُخْرَجًا منه شيءٌ كان مجازًا؛ لاستعماله على غير الوجه الذي وضعه الواضع عند الإطلاق (١)، و (٢) هذا فيما يحتمل المجاز، وهو ما كان ظاهرًا كالعام، أما ما كان نصًا كالعدد فلا مجاز فيه، وليس إلا الإخراجُ المحض. ويظهر أثر هذا في أن المخصِّص المنفصل يأتي في العام ولا يأتي في العدد، والاستثناء في العام كاشف عن الإرادة المخصِّصة، والاستثناء في العدد هو المخرِج بنفسه لا بدلالته على إرادة متقدمة (٣)؛ ولهذا لو أراد فقط، ولم يُوجد لفظ الاستثناء - لم يصح في العدد، ويصح في العام. ولو قال أنتِ طالقٌ ثلاثًا، ونوى بقلبه: إلا واحدةً، وماتت قبل نطقه


= في البعض؟ يعني: فهل الإخراج يكون بمنزلة الاستعمال في جَعْل معنى العام مرادًا به البعض؟ أو هل التخصيص ينقل معنى العام إلى الخاص، كالاستعمال ينقل معنى العام إلى الخاص؟
(١) أي: من غير تخصيص. وينبغي أن ينتبه إلى أن هذا المجاز منشؤه أنه استعمل اللفظ في غير موضوعه بسبب الإخراج، أما العام الذي أريد به المخصوص فهو مجاز؛ لأنه استعمل اللفظ في غير موضوعه بسبب الانتقال لا الإخراج، أي: نقل معنى العموم إلى الخصوص. أما في العام المخصوص فليس هناك نقل بل إخراج؛ ولذلك حصل الخلاف والتردد في كونه مجازًا، أي: هل ينتقل بعد الإخراج فيكون مجازًا، أو لا ينتقل فيكون حقيقة؟ بخلاف العام المراد به الخصوص فهو مجاز قطعًا؛ لأنه نقل للمعنى الموضوع.
(٢) سقطت الواو من (ت)، و (غ)، و (ك).
(٣) لأن العدد نصٌّ في معناه، فلا يصلح أن يريد المتكلم به غير معناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>