للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّالِمِ أَهْلُهَا} خصوصٌ؛ لأن كل أهل القرية لم يكن ظالمًا قد كان فيهم المسلم، ولكنهم كانوا فيها مكثورين، فكانوا فيها أقل. انتهى. فهذا عام أريد به العام، ودخله الخصوص. وليس المعنى هنا مِنْ إرادة العامِّ جميعَ الأفراد، بل الكثرة المنزلة منزلة الكل. ويظهر أنه مجاز، وليس من مجاز استعمال لفظِ الكل في البعض؛ لأن ذلك لا يفترق الحال فيه بين بعض وبعض، وهذا في بعضٍ كثيرٍ غالبٍ على الباقي، فهو أقوى؛ لأنه اجتمع فيه مجاز البعض ومجاز المشابهة، إذِ الأكثر يشبه الكُلَّ في الكثرة، وهو مع ذلك قد دخله التخصيص. فمن جعل العام المخصوص مجازًا - يكون قد اجتمع فيه نوع آخر من المجاز أيضًا، وهذا غريب ينبغي أن يُتَفَطَّن له. ومن لم يجعل العامَّ المخصوص مجازًا - يقتصر على المجاز من الجهة الأولى. وهذا من نفائس البحث، وبه يظهر أن العام المراد به العموم قسمان:

أحدهما: الحقيقي، كقوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (١)، و {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٢) على ما قاله الشافعي.

والثاني: المجازي، كقوله: {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} (٣)، و {الظَّالِمِ أَهْلُهَا} (٤). وهذا القسم لا يكون في الأمر والنهي، وإنما يكون في الخبر؛


(١) سورة البقرة: الآية ٢٨٢. سورة النور: الآية ٣٥، ٦٤. سورة الحجرات: الآية ١٦. سورة التغابن: الآية ١١.
(٢) سورة الرعد: الآية ١٦. سورة الزمر: الآية ٦٢.
(٣) سورة الكهف: الآية ٧٧.
(٤) سورة النساء: الآية ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>