للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الدليل ضعيفٌ من وجهين:

أحدهما: أن هذا دورُ مَعِيَّةٍ لا سَبْق، فلا استحالة فيه. ويظهر هذا بمعرفة دور السبق والمعية (١)، فنَقول: تَوَقُّفُ كلِّ واحدٍ من الشيئين على الآخر إن كان (توقُّفَ قبليَّةٍ وبعديَّة) (٢) - فهو الدور السبقي الذي يستحيل وقوعه.

ومثاله: إذا قال زيد: لا أخرج من الدار حتى يخرج عمرو قبلي. وقال عمرو: لا أخرج منها حتى يخرج زيد قبلي.

وإن لم يكن سبقيًا، كما إذا قال كلٌّ منهما: لا أدخل حتى يدخل الآخر - فلا استحالة فيه؛ لجواز دخولهما معًا. وهذا هو المَعْنِيُّ، وهو الموجود في دلالة العام (٣).

والثاني: أن دلالةَ العام على كلِ فردٍ مشروطةٌ باستعماله في الموضوع: وهو الاستغراق، فإذا لم يُستعمل فيه جاز في كل واحدٍ أن يكون مرادًا، وأن لا يكون، فلا يكون حجة في شيء منه (٤).


(١) انظر: آداب البحث والمناظرة للشنقيطي ١/ ٤٤.
(٢) في (ص): "توقف قبله وبعده". وهو خطأ.
(٣) فدلالة العام على الباقي تتوقف على دلالته على المُخْرج وبالعكس، وهذا التوقف مِنْ قبيل الدور المعي لا السبقي، فلا استحالة فيه. انظر: نهاية السول ٢/ ٤٠٢، السراج الوهاج ١/ ٥٣٣، ٥٣٤.
(٤) أي: شَرْط دلالة العام على كل فردٍ أن يكون مُسْتَعْملًا بمعنى الاستغراق، فإذا استعمل بغير معنى الاستغراق، بأن يُخَصَّص بمخصِّص - خرج عن كونه عامًا دالًا على كل فردٍ، وجاز في كل واحدٍ من أفراده أن يكون مرادًا، وأن لا يكون، فلا يكون العام حجة بعد التخصيص في أي فردٍ من أفراده.

<<  <  ج: ص:  >  >>