للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قوله: "رفع القلم عن الصبي" - شمل حالة الصبا، ولم يتعرض لحالة البلوغ بإثبات التكليف فيها، ولا نفيه عنها، بل كان ساكتًا عن حكمها، فلما قال: "حتى يبلغ"، وقد عُلِم مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها - فُهِم إثبات التكليف في حالة البلوغ، فقُصِد بالغاية المذكورة هذا الحكم أيضًا، وهذا يقوله مَنْ يقول بالمفهوم (١). قال والدي أعزه الله تعالى: وهو إنْ قيل به في نحو قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} (٢) - فهو أقوى من القول به هنا؛ لأن هناك لو لم يقل به لم يكن للغاية فائدة، وهنا فائدتها المقصد الأول، كما بيناه، فلم يكن دليل على الثاني (٣).

الثانية: قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٤) يحتمل أن يكون مثل قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}، فإن الصيام لغةً يشمل الليل والنهار (٥) (٦)، فَخُصَّ هذا العموم بقوله: {إِلَى اللَّيْلِ}، ويصح تمثيل المصنف حينئذ بهذه الآية للتخصيص بالغاية.

ويحتمل أن يكون مثل قوله: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (٧)، وهو الظاهر،


(١) لأن إثبات التكليف في حالة البلوغ لم يُصَرَّح به، بل هو مفهوم قوله: "رُفِع القلم عن الصبي حتى يبلغ" فمفهومه: لا يرفع القلم عن الصبي إذا بلغ.
(٢) سورة التوبة: الآية ٢٩.
(٣) أي: فلم يكن دليل يدل على المقصد الثاني، وهو ارتفاع الحكم عند الغاية.
(٤) سورة البقرة: الآية ١٨٧.
(٥) سقطت من (ت).
(٦) لأنه في اللغة: مطلق الإمساك، وهو شامل لِلَّيل والنهار. انظر: المصباح ١/ ٣٧٧، مادة (صوم).
(٧) سورة القدر: الآية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>