للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطوا الجزية أو (١) لم يعطوها، ولا يأتي ذلك في مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" (٢)؛ لأن حالة البلوغ خارجة عن الصبا، وحالة الإفاقة خارجة عن الجنون، والاستيقاظ خارج عن النوم. فلو قال: عن الصبي، والمجنون، والنائم، ولم يذكر الغايات المذكورة - لم يشملها.

فإن قلت: فما يُقْصد بالغاية في مثل هذا؟

قلت: تارةً يُقْصد (٣) تأكيد العموم فيما قبلها، وهذا المعنى هو المقصود في الحديث، فإنَّ عدمَ التكليف في جميع أزمنة الصبا يعمها (٤) بحيث لا يستثنى منها شيء، وهكذا أزمنة الجنون، والنوم. فالمقصود بهذه الغاية من هذا الوجه تحقيق التعميم لا التخصيص. ومن ذلك قوله تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (٥)، وطلوعه (٦) وزمن طلوعه ليسا من الليل حتى يشملهما قولُه: {سَلَامٌ}.

وتارةً يُقْصد (٧) ارتفاع ذلك الحكم عند الغاية، فإن اللفظ لو اقتصر


(١) في (ت)، و (غ)، و (ك): "أم".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) في (ص): "يقصد به": "يقصد بها". وهو الصواب، لكن لعلها تكون زائدة؛ لعدم ورودها في النسخ الأخرى، والمعنى بدونها مستقيم.
(٤) في (ص): "تعمها". وهو خطأ، لأن الفاعل هو عدم التكليف، وهو مذكر.
(٥) سورة القدر: الآية ٥.
(٦) في (غ): "فطلوعه".
(٧) في (ص): "يقصد بها". ولعلها زيادة، وحذفها هنا أولى؛ لأنه صَرَّح بعدها بالغاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>