للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الإمام الأديب، الناظم الناثر، أديب العصر خليل بن أيبك الصفدي رحمه الله، الذي كتب أزيد من ستمائة مجلّدٍ تصنيفًا، وهو في طبقة شيوخ التاج - رحمهما الله - يقول عنه التاج:

"وكانت له همةٌ عاليةٌ في التحصيل، فما صَنَّف كتابًا إلا وسألني فيه عما يحتاج إليه من فقه وحديث وأصولٍ ونحوٍ، لا سيما "أعيان العصر" فأنا أشرتُ عليه بعمله، ثم استعان بي في أكثره، ولما أخرجت مُخْتَصري في الأصلَيْن المسمَّى "جمع الجوامع" كتبه بخطِّه، وصار يحضر الحلقة، وهو يقرأ عليَّ ويَلَذُّ له التقرير، وسَمِعه كلَّه عليَّ، وربما شارك في فهم بعضه، رحمه الله تعالى" (١).

وهذا والده رحمه الله تعالى يصفه بمفتي الإسلام في قصةٍ يذكرها التاج رحمه الله تعالى فيقول: "وكتب إليَّ، وقد جَمَع لي بين نيابته في الحكم، وتوقيعِ الدَّسْت (٢)، وكانت قد وَرَدت عليه فُتْيا في لعب الشِّطرْنج: أجِبْنا أيُّها الإمام، أحلالٌ هو أم حرام؟ ونحن قد عَرَفْنا مذهب الشافعيّ، ولكنا نريد أن نعرف رأيَك واجتهادَك. فألقاها إليَّ، وقال: اكتُبْ عليها مَبْسُوطًا مستدِلًا، ثم اعرِضْها. فكتبتُ كتابةً مطوَّلة جامعةً للدلائل، ونصَرْتُ مذهب الشافعي، فكتب إلى جانبها:


(١) انظر: الطبقات ١٠/ ٦.
(٢) توقيع الدَّسْت: هو توقيع مجلس الوزارة. قال الزبيدي في تاج العروس ٣/ ٥٠، مادة (دست): "واستعمله المتأخرون بمعنى: الديوان، ومجلس الوزارة، والرآسة". وانظر: المعجم الوسيط ١/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>