للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع بينهما: أنه لا يحتج بالعام المخصوص؛ لكونه صار مجازًا، وليس بعض المحامل أولى من البعض، فيصير مُجْملًا عنده، فإذا جاء مُخَصِّص بعد ذلك - جزمنا بإخراج ما دلَّ عليه، بعد أن كنا لا نحكم عليه بشيء، ويبقى الباقي على ما كان عليه لا يُحْتج به، (ولا يُجْزم) (١) بعدم إرادته. فالمخصِّص مبيِّن لكون ذلك الفرد غيرَ مرادٍ، وساكتٌ عن الباقي، فلا منافاة بين الكلامين. وهذا الجمع قرره والدي أحسن الله إليه، ورأيت أنا بعد ذلك القاضي في "مختصر التقريب" قال بعد حكاية مذهب ابن إبان: هذا مبنيٌّ على أصلٍ له قدمناه، وهو أن العموم إذا خُصَّ بعضُه صار مُجْملًا في بقية المسميات، لا يسوغ الاستدلال به فيها، فَيُجْعل الخبر على التحقيق مُثْبِتًا حكمًا ابتداء، وليس سبيلُه سبيل التخصيص إذا حَقَّقْتَه، فإنه لا يَجُوز الاستدلال باللفظ المجمل في عمومٍ ولا خصوص قبل ورود الخبر وبعده (٢). انتهى. وهذا حسن نفيس.

الثالثة: قال القرافي: المحدِّثون والنحاة على عدم صرف "أبان". قال: ونقله ابن يعيش في "شرح المفصل" عن الجمهور، وقال: إنه بناء على أنَّ وَزْنَه "أفْعل"، وأصله "أبْيَن" صيغة (٣) مبالغة في الظهور، الذي هو البيان والإبانة، فنقول: هذا أبْيَن مِنْ هذا. أي: أظهرُ منه وأوضح، فَلُوحظ أصْلُه مع العلمية التي فيه؛ فلم يصرف (٤).


(١) في (ص): "ولا نجزم".
(٢) انظر: التلخيص ٢/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٣) سقطت من (ت).
(٤) أي: الذين منعوا صرفه عَلَّلُوا ذلك بأن أصل "أبان" أَبْيَن، أي: أصله على وزن =

<<  <  ج: ص:  >  >>