للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَوّرتم قياسًا قاطعًا فصوِّروا صيغة نقطع بعمومها (١)، هذا تقرير الوجه الثاني من الوجهين اللذَيْن اعتصم بهما الجبائي.

وأجاب في الكتاب عن هذا (٢) الثاني بوجهين:

أحدهما: لا نسلم أن مقدمات القياس أكثر مطلقًا، بل قد يكون بالعكس أي: يكون مقدمات العام أكثر من مقدمات القياس، فإن فيه احتمال التجوز، والنسخ، وخطأ الراوي، وغير ذلك. والقياس لا يحتمل شيئًا مِنْ ذلك.

وثانيهما: أنا سلمنا أن مقدمات القياس أكثر مطلقًا، لكن في العمل بهما عمل بالدليلين وهو أحرى، أي: أحوط وأولى، كما سبق.

وقد عرفت ما فيه من النظر، والحق أن الوجهين ضعيفان: أما هذا فلما عرفتَ، وأما الذي قبله فلأن القياس لا بد وأن يستند إلى أصل، وذلك الأصل إن لم يكن مقطوع المتن - تطرقت إليه هذه الاحتمالات، وينضم إليها ما يختص به القياس من المحتملات؛ فيكون الاحتمال فيه أكثر. وإن كان مقطوع المتن فدلالته ظنية، وهي تقبل القوة والضعف، كالقياس. وعند ذلك نقول: الحقُّ في الجواب أن يقال: كميات المقدِّمات قد تُعارِض كيفياتِها فمقدمات (٣) القياس وإنْ كانت كثيرة، لكنها قد تكون أقوى من مقدمات العام القليلة بحيث تصير مع كثرتها بسبب كيفياتها معادلة


(١) انظر: التلخيص ٢/ ١٢١.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) في (ص): "بمقدمات". وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>