ومن العجائب التي تدل على قوة الرجل وفَرَط ذكائه، وتبحره في الفنون، وغَوْصه في الكنوز والمكنون - هذه الحادثة التي سَطَّرها في كتابه "الأشباه والنظائر" حيث يقول:
"وقد أحببت أن أذكر هنا آيةً كانت ابتداء درسي بالمدرسة الأمينية في يوم الأحد ثالث شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وكان مِنْ شأن هذا الدرس أني لما وَلِيت هذه المدرسة في الشهر المذكور عزمتُ أن لا أعمل أجلاسًا، ولا أجمع جمعًا؛ لأنه سبق لي تداريس كثيرة، فما في دمشق مدرسة مرموقة بعين التعظيم إلا وقد وليت تدريسها بحمد الله، إلا اليسير من المدارس.
فلما وليت هذه المدرسة رأيتُ أنَّ تَرْك ذلك أجمل، فحملني حاملٌ على أن أذكر درسًا أرجو أن يكون لي فيه نية، وذلك أنَّ بعض من لا أهلية له سعى في هذه المدرسة، وكاد أنْ يُقَدَّم عليَّ؛ لقربه من الدولة، فأحببتُ أنْ أُرِيَهُ كيف يكون التدريس، وكيف ينبغي لمَنْ يَطْلب مناصب العلماء أن يكون، فعمدتُ إلى آيةٍ من الكتاب العزيز واستنبطتُ منها ما وصَلَتْ إليه قوتي.
وها أنا أحكي الدرس فأقول: قلتُ بعد الخطة ما نَصُّه: