للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عرفت مِنْ كونه هو السبب، إلا أن هذا الإشكال يعتوره من جهة عدم شمول اللفظ له (١) على ما تقرر مِنْ قاعدة دخول الفاء.

ومِنْ جهة أخرى: وهي أن الحكم إنما يثبت من حين نزول الآية وأوس ظَاهَر قبل نزولها، فكيف ينعطف حكمها على ما سبق، لا سيما إذا كان الحكم قبل نزولها أنه طلاق كما ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أراكِ إلا قد حَرُمْتِ عليه" (٢)، فكيف يرتفع التحريم أو الطلاق بعد وقوعه؟ وهذا الإشكال واردٌ في آيةِ اللعان من الجهتين كما هو وارد هنا (٣)، ووارد في آية السرقة وآية حد الزنا ونحوهما من الجهة الثانية؛ لإثبات أحكامها لمن صدر منه السبب المتقدم على نزولها وإن لم نجعل الفاء فيها


(١) سقطت من (ت).
(٢) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٨/ ٤. قال السيوطي في الدر المنثور ٨/ ٧٧: وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في السنن عن أبي العالية. . . فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه فقال: "ما أعلم إلا قد حَرُمْتِ عليه". وفي الدر المنثور أيضًا ٨/ ٧٢: "وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس: أن خولة أو خويلة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن زوجي ظاهر مني. فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أراكِ إلا قد حرمتِ عليه".
(٣) وذلك لأن الخبر في آية اللعان مقترن بالفاء {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الآية، فلفظ: {فَشَهَادَةُ}، خبر للمبتدأ: {وَالَّذِينَ}، فأفاد أن الموصول بمعنى الشرط، والشرط معناه للمستقبل، فتكون آية اللعان تفيد الحكم في المستقبل، مع أن سببها الذي نزلت من أجله قد حصل قبل نزولها. والجهة الأخرى أن الحكم إنما يثبت بعد نزول الآية، والسبب قبله، فكيف يدخل السبب في حكم الآية؟

<<  <  ج: ص:  >  >>