للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدول عن التحقيق، والتمثيل بحديث أبي هريرة وعَمِله صحيحٌ وإنما جاء الفساد فيه من جهة تقريره على الوجه المتقدم. وكان الإمام النَّظَّار علاء الدين الباجي رحمه الله يقرره على الوجه الصحيح: وهو أن الكلب من حيث إنه مُفرد مُعَرَّف للعموم، يشمل كلب الزرع وغيره. وأبو هريرة يرى أن كلب الزرع لا يُغْسل منه إلا ثلاثًا، وغيره يُغْسل منه سبعًا. فقد أخرج بعض أفراد الكلب، هذا هو معنى التخصيص في الحديث.

وهذه فائدة حسنة، لكن ما أدري (مِنْ أين) (١) له أن أبا هريرة كان يغسل مِنْ كلب الزرع ثلاثًا، فإن المعروف اختلاف الرواية عن أبي هريرة في أنه هل كان يرى أنَّ الغسلَ من ولوغ الكلب سبعٌ أو ثلاث، فروى الدارقطني بسنده إلى عبد الملك (٢)، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: "إذا ولغ الكلب في الإناء - فأهْرقهِ، ثم اغسله ثلاث مرات"، ثم قال الدارقطني: لم يروه غير عبد الملك عن عطاء عنه (٣)، قال: والصحيح عنه سبع مرات (٤) (٥).


(١) في (ص): "مِنْ أين كان".
(٢) هو عبد الملك بن أبي سليمان - واسمه ميسرة - أبو محمد، ويقال: أبو سليمان، وقيل: أبو عبد الله، العَرْزمي. أحد الأئمة، روى عن أنس بن مالك وعطاء بن أبي رباح وغيرهما. قال ابن حجر في التقريب: "صدوق له أوهام". مات سنة ١٤٥ هـ. انظر: تهذيب ٦/ ٣٩٦، تقريب ص ٣٦٣.
(٣) انظر: سنن الدارقطني ١/ ٦٦.
(٤) هذه العبارة لم يقلها الدارقطني بعينها، ولكن هي مفهوم كلامه السابق؛ إذ أورده مورد الاعتراض على الرواية.
(٥) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح ١/ ٢٧٧: "ثبت أنه (أي: أبا هريرة - رضي الله عنه -) أفتى بالغَسْل سبعًا، ورواية مَنْ روى عنه موافقة فتياه لروايته - أرجح مِنْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>