للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنثتم. فها هنا لا خلاف أن المطلق محمولٌ على المقيَّد (١). وكذا لو قال أوَّلًا: أعتقوا رقبة. ثم قال: أعتقوا رقبة مؤمنة. وكذا لو لم يُعلم التاريخ بينهما؛ لأن مَنْ عمل بالمقيَّد فقد عمل بالمطلق، ضرورةَ أنَّ المطلق جزءٌ من المقيَّد، والآتي بالكل آتٍ بالجزء، فيكون العمل بالمقيَّد عملًا بالدليلين. وأما العمل بالمطلق فليس عملًا بالمقيَّد؛ لأن الآتي بالجزء لا يكون آتيًا بالكل، بل يكون (٢) تاركًا له، فيكون العمل بالمطلق يستلزم الترك لأحد الدليلين بالكلية، فإذا كان الجمع بين الدليلين واجبًا مع استلزامه الترك لشيء من مدلولات أحدهما فليجب حيث لا يستلزم ذلك بطريقٍ أولى، ولا يُخَرَّج ذلك على الخلاف في تقابل العام المتأخر والخاص المتقدم؛ لهذا الذي ذكرناه.

فإنْ قلت: مقتضى (٣) الإطلاق: التمكن مِنْ أي فردٍ شاء المكلَّف. والتقييد يزيل (٤) التمكن من ذلك، فلِمَ كانَ هذا أولى مِنْ حَمل الأمر بالمقيَّد على الندب؟

قلت: هذا الحكم الذي هو التمكن حالة الإطلاق - غيرُ مدلولٍ عليه باللفظ؛ لأن اللفظ: وهو أعتق رقبة، مثلًا - إنما دل على


(١) انظر: البحر المحيط ٥/ ١٠، شرح الكوكب ٣/ ٣٩٦، ٣٩٧، المسودة ص ١٤٦، الإحكام ٣/ ٤، كشف الأسرار ٢/ ٢٨٧.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) في (ص): "فمقتضى".
(٤) في (غ): "مزيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>