للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدورة للمكَلَّف (١)، وليست العَيْن كذلك؛ فلا يتعلق بها حِلٌّ ولا حرمة؛ فيتعين المجاز بالإضمار، فيضمر إما: الأكل، أو البيع، أو نحوهما. والأكل أولى؛ لأنه أعظم المقصود من تلك الأشياء عُرْفًا؛ فيحمل اللفظ عليه.

وقد ذهب جماعة من الأصوليين إلى دعوى الإجمال في الأمثلة المذكورة، متمسكين: بأن الحقيقة غير مرادة، والمجازات متعددة، فلا يُضْمر الجميع؛ لأن الضرورة تندفع بالبعض،


= الأعيان هما على وجه الحقيقة، كالتحريم والتحليل المضافين إلى الفعل، فيوصف المحل أولًا بالحرمة، ثم تثبت حرمة الفعل بناءً عليه، فيثبت التحريم عامًا. انظر: كشف الأسرار ٢/ ١٠٦، وفيه أيضًا نقلًا عن عبد القاهر البغدادي: "يصح وصف العين بالحرمة حقيقة، كما يصح وصف الفعل بها، ومعنى اتصافها بها خروجها من أن تكون محلًا للفعل شرعًا، كما أن معنى وصف الفعل بالحرمة خروجه من الاعتبار شرعًا، فإذا أمكن العمل بحقيقته - لا معنى للإضمار؛ لأنه ضروري يُصار إليه عند تَعَذُّر العمل بظاهر اللفظ. ولأن الحرمة عبارة عن المنع، قال تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} أي: منعنا، وقال جل جلاله: {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} أي: منعهم شراب الجنة وطعامها"، ومنه حرم مكة؛ لمنع الناس عن الاصطيادِ فيه وغيرِه، فيوصف الفعل بالحرمة على معنى أن العبد منع عن اكتسابه وتحصيله، فيصير العبد ممنوعًا، والفعل ممنوعًا عنه، وتوصف العين بالحرمة على معنى أن العين منعت عن العبد تصرفًا فيها، فتصير العين ممنوعة، والعبد ممنوعًا عنها، فعرفنا أن وصف العين بالحرمة صحيح". كشف الأسرار ٢/ ١٠٧، مع اختصار وتصرف يسير. وانظر: أصول السرخسي ١/ ١٩٥.
(١) هذا هو رأي الجمهور. انظر: شرح الكوكب ٣/ ٤١٩، شرح التنقيح ص ٢٧٥، نهاية الوصول ٥/ ١٨١٢، فواتح الرحموت ٢/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>