للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل بالخطاب، وإلى وقت وجوب الفعل (١).

الثانية: نقل الجماهير عن أبي بكر الصيرفي موافقة المعتزلة على المنع من تأخير البيان مطلقًا. قال الأستاذ في كتابه: وهذا مذهب كان يذهب إليه الصيرفي قديمًا، فنزل به أبو الحسن الأشعري ضيفًا فناظره في هذا واستنزله عن هذه المقالة، ورجع (٢) إلى مذهب الشافعي وسائر المتسننة (٣).


(١) فلفظ الحاجة يصح التعبير به على مذهب المعتزلة القائلين بالمعاوضة، أي: يجب تعذيب العاصي، كما تجب إثابة الطائع، وبنوا ذلك على قاعدتهم من أن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية التي منها الطاعة والمعصية. أما أهل السنة فقاعدتهم: أن الله تعالى هو الخالق للأفعال كلها، ومنها الطاعة والمعصية، وبنوا على ذلك أن الإثابة بالفضل، والتعذيب بالعدل، وليسا بواجبين عليه تعالى. وعلى هذا فلا يصح التعبير على مذهبهم بالحاجة المشير لمعنى المعاوضة. هكذا قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وأقره الشارح، ولذلك راعى هذا في جمع الجوامع فقال: "تأخير البيان عن وقت الفعل غير واقع وإن جاز". انظر: المحلي على الجمع ٢/ ٦٩، وعلَّق المحلي على هذا وقال: وقوله: "الفعل" أحسن - كما قال - من قول غيره: "الحاجة". . . إلخ، لكن ردَّ عليه البناني بقوله: "رُدَّ بأنه لا يلزم من التعبير بالحاجة القولُ بمذهب المعتزلة المذكور، فإنه لا يتوقف على الحاجة إلى التكليف، بل على حاجة المكلَّف إلى بيان ما كلِّف به"، ولذلك قال الزركشي عن كلام أبي إسحاق رحمهما الله: "وهي مشاحة لفظية، وقد عُرف أن المَعْنِيَّ بالحاجة - كما قال إمام الحرمين -: توجه الطلب". انظر: البحر المحيط ٥/ ١٠٧، البرهان ١/ ١٦٦.
(٢) سقطت من (ت)، و (غ).
(٣) نازع الزركشي رحمه الله في رجوع الصيرفي هذا، وادعى بأن مذهب الصيرفي هو جواز تأخير بيان المجمل، دون العموم؛ لأنه راجع كتابه المسمى "الدلائل والأعلام"، ثم نقل كلامه في هذا، ثم قال الزركشي: "واعلم أن الصيرفي إنما قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>