للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث تعميمه بالإضافة: يعم كل ما يصدق عليه أنه بيان.

و(١) قوله: "وخصوصًا" هذا معطوف على قوله: "مطلقًا"، وقد قلنا: إنه يظهر به أنَّ مراده بالمطلق العام؛ لأن الخصوص إنما يقابِل العموم، ولو أراد الإطلاق - لقال: وتقييدًا. وهذا الدليل هو الثاني المختص بالنكرة، أعني: الدال على جواز تأخير البيان في النكرة.

وتقريره: أنَّ الله تعالى أمر بني إسرائيل بذبح بقرةٍ في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (٢)، وأراد معيَّنة، بدليل سؤالهم عن صفتها ولونها في قوله: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} (٣) إلى آخر الآيات، ثم لم يبينها لهم حتى سألوا هذه السؤالات؛ فدل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب.


= والعام والمطلق - أولى مما ذكرناه، كيف وأن الترجيح لهذا المعنى من جهة أن المراد من قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} إنما هو جميع القرآن، فإنه ليس اختصاص بعضه بذلك أولى من بعض. وأيضًا: فإن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاتباع بقوله: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} والأمر بذلك غير خاصٍ ببعض القرآن دون البعض إجماعًا، ولأنه لا أولوية للبعض دون البعض. . . وإذ ثبت أن المراد من قوله من أول الآية: إنما هو جميع القرآن - فالظاهر أن يكون الضمير في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} عائد إلى جميع المذكور السابق، وهو جملة القرآن. . . وإنما يمكن ذلك بحمل البيان على ما ذكرناه، لا على ما ذكروه؛ لاستحالة افتقار كل القرآن إلى البيان بالمعنى الذي ذكروه، فإنه ليس كل القرآن مجملًا، ولا ظاهرًا في معنى وقد استُعمل في غيره؛ فكان ما ذكرناه أولى". الإحكام ٣/ ٣٣ - ٣٤.
(١) سقطت الواو من (ص)، و (غ).
(٢) سورة البقرة: الآية ٦٧.
(٣) سورة البقرة: الآيات ٦٨، ٦٩، ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>