للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض الخصم على هذا الاستدلال بوجهين:

أحدهما: أنَّ بني إسرائيل أُمروا بالذبح وقت الخطاب، فكانوا محتاجين إلى البيان ذلك الوقت، فتأخيره عن ذلك الوقت تأخيرٌ عن وقت الحاجة وهو ممتنع. قال الخصم: فحاصل الأمر أنك لم تقل بما يقتضيه الآية، بل بما لا تقتضيه.

أجاب: بأن الأمر لا يوجب الفور كما سبق.

فإن قلت: هذا الجواب مبني على أن الأمر لا يقتضي الفور، فلا يعم المذاهب، بل يختص بمَنْ يرى رأي المصنف. ثم إن الأمر بذلك إنما وقع للفصل بين الخصمين اللذَيْن تنازعا في القتل، والفصلُ واجبٌ على الفور.

قلت: أجاب القرافي: بأن الآية إذا دلَّت على جواز التأخير عن وقت الحاجة - دلت على جواز التأخير عن وقت الخطاب؛ لأن كل مَنْ قال بجواز الأول قال بجواز الثاني، مِنْ غير عكسٍ؛ ولأنه إذا ثبت في الأول ثبت في الثاني بطريقٍ أولى.

وأما قول القرافي هنا: إنا لا نسلم أنا لم نَقُل بما تقتضيه الآية، بل قلنا به، وهذا هو الصحيح مِنْ مذهبنا، بناءً على تجويز التكليف بما لا يطاق (١) - فضعيف (٢)؛ لأنه عندنا غير واقع، والكلام إنما هو في هذا الواقع (٣).


(١) انظر: نفائس الأصول ٥/ ٢٢٧٤، ٢٢٧٥.
(٢) قوله: "فضعيف" جواب قوله: "وأما قول القرافي".
(٣) المعنى: أن قول القرافي بتسليم مقتضى الآية: وهو أنها لتأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأن الصحيح من مذهبنا جواز تأخير البيان عن وقت االحاجة، بناءً على جواز =

<<  <  ج: ص:  >  >>