للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتبهم من قوله - صلى الله عليه وسلم - لابن الزبعرى حين قال ما قال: "ما أجهلك بلغة قومك، أما علمت أنَّ "ما" لِمَا لا يعقل ومَنْ لمن يعقل".

والثاني: وهو المشار إليه بقوله في الكتاب: ولو سُلِّم أنا سلمنا أنَّ لفظة "ما" تتناولهم، لكن خُصَّ الملائكة والمسيح من هذه الآية بالعقل، لا بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} (١)، وذلك لأن التعذيب إنما يقع على جريمة، وأيُّ جريمة لهؤلاء بعبادة غيرهم إياهم! وهذا الدليل العقلي كان حاضرًا في عقولهم قبل نزول: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ}.

قلنا: الجواب عن الأول: أنا لا نسلِّم أن صيغة "ما" مختصة بغير العقلاء، بل هي شاملة للجميع، ويدل على ذلك إطلاقها على الله تعالى في قوله {وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا} (٢)، وكذلك قوله: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (٣)، وقوله: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} (٤)، وأنها تأتي بمعنى الذي اتفاقًا، وكلمة الذي تتناول العقلاء، فكذلك صيغة "ما". والحديث المذكور من قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن ما مختصة بمن لا يعقل - غير معروف، ولو ثبت لسمعنا وأطعنا.

وعن الثاني: أنَّ العقل إنما يُحيل تَرْك تعذيبهم إذا عُلِم بالعقل أيضًا


(١) سورة الأنبياء: الآية ١٠١.
(٢) سورة الشمس: الآية ٥.
(٣) سورة الليل: الآية ٣.
(٤) سورة الكافرون: الآيات ٣، ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>