للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأختم الحديث عن هذا المبحث بأبياتٍ قالها التاج - رحمه الله - في أول الشباب ما أظرفها، وهي أول السيل، فكيف بآخره!

يقول التاج في ترجمة الصفدي - رحمهما الله -: "كنت أصحبه منذ كنت دون سنِّ البلوغ، وكان يكاتبني وأكاتبه، وبه رغبتُ في الأدب، فربما وقع لي شعرٌ ركيكٌ مِن نظم الصِّبيان فكتبه هو عني إذ ذاك، وأنا ذاكِر بعضَ ما بيننا مما كان في صِغَري، ثم لمّا كان بعد ذلكَ كتب إليَّ مرة وقد سافر إلى مِصْر ولم يودِّعْني:

يا سيِّدًا سافرتُ عنه ولم أجِدْ ... جَلَدِي يُطَاوِعُنِي على تودِيعِهِ

إنْ غِبْتُ عنكَ فإنَّ قَلْبِيَ حاضِرٌ ... يَصِفُ اشتياقِي لِلْحِمَى ورُبُوعِهِ

في أبياتٍ أُخَر، فكتبتُ الجواب:

يا راحلًا بحشا المُقِيم عَلَى الوَفا ... ما الطَّرْفُ بَعْدَكَ مُؤْذِنًا بهُجُوعِهِ

إن غبتَ عنه فما تغيَّر منه إلَّا جِسْمُـ ... ـه سَقَمًا ولَونُ دُمُوعِهِ (١)

والقلبُ بيتُ هواكَ راحَ كأنَّهُ ... بَيْتُ العَرُوضِيِّين مِن تَقْطِيعِهِ

في أبياتٍ أُخَر أُنْسِيتُها" (٢).


(١) أى: أصبحت دموعه دمًا.
(٢) انظر: الطبقات ١٠/ ٦ - ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>