للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما البشارة الأولى لما انتقل من العراق إلى الشام حين كان سنه لا يُستغرب فيه (١) الولد، ولذلك سأله (٢)؛ فعلمنا بذلك أنهما بشارتان في وقتين بغلامين:

إحداهما: بغير سؤال، وهو إسحاق صريحًا.

والثانية: قبل ذلك بسؤال، وهو غيره؛ فقطعنا بأنه إسماعيل، وهو الذبيح (٣).


= حياة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما هو صريح آية هود.
(١) في (ت): "منه".
(٢) أما كون السؤال وقع مبكرًا في السن التي يمكن فيها الولد عادةً - فهذا مسلَّم، لكن لا يُسَلَّم أن البشارة وقعت في ذلك السن، بل صريح القرآن يدل على أن البشارة بإسماعيل عليه الصلاة والسلام متأخرة، مثل البشارة بإسحاق عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ}. قال الإمام في التفسير الكبير ١٩/ ١٤١: "اعلم أن القرآن يدل على أنه تعالى إنما أعطى إبراهيم عليه السلام هذين الولدين - أعني: إسماعيل وإسحاق - على الكبر والشيخوخة". لكن من المقطوع به أن البشارة بإسماعيل هي البشارة الأولى؛ لأن إسماعيل هو الولد الأول إجماعًا.
(٣) ما أجمل كلام الإمام رحمه الله تعالى في "التفسير" حيث قال في الحجة الخامسة للدلالة على أن الذبيح هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام: "حكى الله تعالى عنه (أي: عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام) أنه قال: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}، ثم طلب من الله تعالى ولدًا يستأنس به في غربته فقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد؛ لأنه لو حصل له ولد واحد - لما طلب الولد الواحد؛ لأن طلب الحاصل محال، وقوله: {هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} =

<<  <  ج: ص:  >  >>