للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأُثْبت مكانَها الكعبةُ (١). انتهى. وظاهر هذه العبارة أنه لا يقع النسخ إلا ببدل، وليس ذلك مراده، بل هو موافق للجماهير على أنَّ (٢) النسخ قد يقع بلا بدل، وإنما أراد الشافعي بهذه العبارة (٣)، كما نبه عليه أبو بكر الصيرفي في "شرح الرسالة": أنه ينْقل مِنْ حظرٍ إلى إباحة، أو إباحة إلى حظر أو تخيير، على حسب أحوال الفروض. قال: ومَثَلُ ذلك مَثَلُ المناجاة: كان يُناجَى النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا تقديم صدقة، ثم فَرَض الله تقديم الصدقة، ثم أزال ذلك، فردهم إلى ما كانوا عليه، فإنْ شاءوا تقربوا بالصدقة إلى الله، وإنْ شاءوا ناجَوْه مِنْ غير صدقة. قال: فإذا معنى قول الشافعي: "فَرْضٌ مكان فَرْضٍ"، فتفهَّمْه. انتهى. وهذا لا يخالفه فيه الأصوليون، فإنهم يقولون: إذا نُسِخ الأمر بقوله: رفعتُ الوجوبَ، أو التحريم، مثلًا - عاد الأمر إلى ما كان عليه، وهو حكم أيضًا (٤).

البحث الثاني: يجوز عند الجمهور نَسْخ الشيء والإتيان ببدل أثقلَ منه، وخالف بعض أهل الظاهر (٥). قال ابن بَرْهان في "الوجيز": ونقل ناقلون ذلك عن الشافعي، وليس بصحيح (٦). انتهى. يعني: وليس


(١) انظر: الرسالة ص ١٠٩، فقرة ٣٢٨.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) سقطت من (ص).
(٤) انظر: البحر المحيط ٥/ ٢٣٦ - ٢٣٩.
(٥) ومنهم أبو بكر بن داود، وإليه ذهب بعض الشافعية. انظر: نهاية الوصول ٦/ ٢٢٩٨، العدة ٣/ ٧٨٥، البحر المحيط ٥/ ٢٤٠، الإحكام لابن حزم ١/ ٥٠٦، اللمع ص ٥٨.
(٦) انظر: الوصول إلى الأصول ٢/ ٢٥. وانظر: البحر المحيط ٥/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>