للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطَهَّرُونَ} (١)، فإنَّ هذا يجوز نسخه، ولا نعرف فيه خلافًا (٢)، ولا يتجه؛ لأنه بمعنى الأمر والنهي. قال الهندي: "وما نَقَل الإمامُ وغيرُه مِنَ الخلاف في الخبر عن حكمٍ شرعي - ليس هو هذا؛ لأن ذلك محمول على ما هو خبر في اللفظ والمعنى، وإنما مدلوله حكم شرعي. وما نحن فيه ليس إلا صيغة الخبر استُعْملت في الأمر على وجه التجوز، فهو في معنى الأمر (٣). ونحن على جزمٍ بأن الصيغة لا مَدْخل لها في تجويز النسخ وعدمه، فهو في معنى الأمر" (٤).

وقد استدل المصنف على ما اختاره: بأنه يصح أن يُقال: لأعاقبن الزاني أبدًا؛ إذ لا يلزم من وقوعه محال. ثم يقال: أردتُ سنةً واحدة، ولا نعني بالنسخ إلا هذا، فإن النسخ إخراج بعض الزمان، وهو موجود هنا.


(١) سورة الواقعة: الآية ٧٩.
(٢) هكذا قال صفي الدين الهندي رحمه الله تعالى، والشارح ناقل منه، وكذا قال ابن بَرْهان، وابن الحاجب. انظر: نهاية الوصول ٦/ ٢٣١٨، الوصول إلى الأصول ٢/ ٦٣، العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٩٥، منتهى السول والأمل ص ١٦٠، نهاية السول ٢/ ٥٧٧. لكن قد حكى أبو إسحاق الشيرازي، وابن السمعاني: أن أبا بكر الدقاق - رحمه الله - من الشافعية منع نسخ الأمر بلفظ الخبر؛ اعتبارًا بلفظه. انظر: اللمع ص ٥٧، شرح اللمع ١/ ٤٨٩، القواطع ٣/ ٩٠. وقد ورد في البحر المحيط (٥/ ٢٤٧) أن القائل به أبو بكر القفال، ولعل هذا التحريف من الناسخ، فإن الزركشي - رحمه الله - نقل ذلك عن الشيرازي وابن السمعاني، وسليم في "التقريب".
(٣) يعني: استعمل الخبر وأريد به الأمر، فقوله: {يَتَرَبَّصْنَ} أي: ليتربصن. وقوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} نفي بمعنى النهي.
(٤) انظر: نهاية الوصول ٦/ ٢٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>