للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل المانع: بأن نسخه يُوهم الكذب؛ إذ المتبادر منه إلى الفهم ليس إلا استيعاب المدةِ المُخْبَر بها، وإيهام الكذب قبيح.

أجاب: بأن نسخ الأمر أيضًا يقتضي أن يظن الظانُّ ظهورَ الشيء بعد خفائه، أي: فلو امتنع نسخ الخبر للإيهام - لامتنع نسخ الأمر، (ولا قائل به من المنازعين في هذه المسألة) (١). هذا ما في الكتاب.

والحق في المسألة ما ذكره القاضي في "مختصر التقريب": مِنْ أن (٢) بناء المسألة على أنَّ النسخ بيانٌ أو رفع، فمَنْ قال بالأول - جَوَّز ذلك فقال: إذا أخبر الله سبحانه عن ثبوت شريعةٍ - فيجوز أن يُخْبر بعدها فيقول: أردتُ ثبوتَها بإخباري الأول إلى هذا الوقت، ولم أُرِد أوَّلًا إلا ذلك. وهذا لا يُفضي إلى تجويز خُلْف، ولا وقوع خَبَرٍ بخلاف مُخْبَر.

وأما مَنْ قال بالثاني كالقاضي - فلا يُجَوِّز ذلك، كيف ونسخ الخبر حينئذ يستلزم الكذب قطعًا؛ لأن الخبر إنْ كان صادقًا كان الناسخ الذي رفع بعض مدلوله كاذبًا؛ ضرورةَ أنه صِدْق، وإلا فهو كاذب (٣).

وبهذا يظهر لك أنَّ مَنْ وافق القاضي على أنَّ النسخ رَفْعٌ - لا يحسن منه الذهاب إلى تجويز نسخ الأخبار (٤).


(١) في (ت): "ولا قائل من النازعين في هذه المسألة به".
(٢) سقطت من (ص).
(٣) انظر: التلخيص ٢/ ٤٧٥، ٤٧٦، نهاية الوصول ٦/ ٢٣١٩.
(٤) انظر المسألة السادسة في: المحصول ١/ ق ٣/ ٤٨٦، الحاصل ٢/ ٦٥٣، التحصيل ٢/ ١٩، نهاية الوصول ٦/ ٢٣١٧، نهاية السول ٢/ ٥٧٤، السراج الوهاج ٢/ ٦٦١، مناهج العقول ٢/ ١٧٦، وانظر المراجع السابقة المذكورة في ثنايا المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>