للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح لما حكاه القاضي، إلا أنه ليس مقصود المصنف غيرَ الجواز السمعي، بدليل أنه اختار أنه لا يُنسخ، ولو نَصَب المسألةَ في الجواز العقلي - لكان الظنُّ به أن لا يختار ذلك (١).

وإذا عرفتَ وقوعَ الاختلاف في الجواز - فاعلم أن الجماهير وإن قالوا بالجواز إلا أنهم اختلفوا في الوقوع:

فذهب الأكثرون إلى أنه غير واقع (٢).

وذهب جماعة من أهل الظاهر إلى وقوعه (٣).


(١) أي: أن لا يختار عدم النسخ؛ إذ الجواز العقلي هو رأي الجماهير، والظن به أنه يختار ما اتفقوا عليه، مع أنه لا يترتب على القول بالجواز العقلي محال. وكذا نقول في حق ابن الحاجب رحمه الله: إنه لو كان مقصوده الجواز العقلي لما اختار عدم النسخ.
(٢) انظر: المحصول ١/ ق ٣/ ٤٩٨، نهاية الوصول ٦/ ٢٣٢٧، الإحكام ٣/ ١٤٦، الوصول إلى الأصول ٢/ ٤٩، العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٩٥، منتهى السول والأمل ص ١٦٠، البحر المحيط ٥/ ٢٦٠.
(٣) منهم داود وابن حزم رحمهما الله تعالى، وهي رواية عن أحمد - رحمه الله تعالى - احتجاجًا بقصة أهل قباء، حكاها ابن عقيل، واختارها الطوفي. انظر: مختصر الطوفي ص ٨٢. قال الزركشي: "وأُلزم الشافعي ذلك أيضًا، فإنه احتج على خبر الواحد بقصة قباء". البحر المحيط ٥/ ٢٦١. وينبغي أن ينتبه إلى أن هذا الإلزام إنما هو في حق نسخ السنة المتواترة بالآحاد، لا في نسخ القرآن بالآحاد؛ لأن الشافعي رضي الله عنه لا يقول بنسخ القرآن بالسنة المتواترة، كما سبق بيانه، فكيف يقوله بخبر الآحاد! على أن المنسوخ في قصة قباء هي السنة المتواترة؛ لأن التوجه إلى بيت المقدس لم يثبت في القرآن. قال المجد بن تيمية رحمه الله تعالى: "لا يجوز نسخ السنة المتواترة بالآحاد - إلى أن قال - قلت: ويحتمله (أي: جواز النسخ) عندي قولُ الشافعي، فإنه احتج على خبر الواحد بقصة قباء". المسودة ص ٢٠٦. وانظر: الإحكام لابن حزم ٤/ ٥١٨، والمراجع السابقة في هامش (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>